الإمام سعود الكبير

سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود ، كنيته ابو عبد الله ، وبعد وفاته لقب بسعود الكبير بسبب اعماله الجليله وصفاته الحميده وعلمه وورعه وكان في عظمته متواضعا وفي حكمته ورعا، والدته هي ابنة عثمان بن معمر ، ولد عام 1161هـ/1748م ، واشترك في أول معركه تحت إمرة ابن عمه هذلول بن فيصل بن محمد ضد قرية العوده ، بويع وليا للعهد عام 1202هـ وكان عمره 41عام ، وبويع إماما عام 1218هـ/1803م ، وتوفي رحمه الله عام 1229هـ/1814م .

كان عهد الإمام سعود امتدادا لعهد ابيه ولم يتميز عنه إلا في الحروب والتوسع والرخاء والثراء والأمن ، وكان سعود مهيبا مرهوبا يرتجف الأمراء في الأقطار المجاورة لمجرد ذكر اسمه ، ولكنه رُوِّع في نهاية حكمه بالغزو التركي المصري الذي انتزع منه الحرمين والطائف ، وقد قال فيه طه حسين ( لو لم يجتمع عليه الترك والمصريين وحاربوه باسلحة لاعهد له بها لوحد كلمة العرب في عهده كما وحدهم الاسلام في بداية ظهوره ) .

ولكن { ومن ذا الذي ترضي سجاياه كلها       كفا المرء نبلاً أن تُعَد معايبه }

فقد كان رحمه الله شديدا في تعامله مع الدول الاخرى وخاصة الاتراك ، ولم يستمع الى نصيحة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ الذي نصحه بالاعتدال في معاملة الاتراك والمصريين وعدم الإصغاء لنصائح الشريف غالب التي لم تكن تنطوي على الإخلاص .

كان سعود اقوى رجل من آل مقرن وأعظمهم هيبة  وأوسعهم شهرة وأعلمهم وأبلغهم ، وكان في أواخر حياة أبيه يتولى مقاليد الأمور ويقود الجيوش ، وقد تلقى العلم على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب واصبح في مقدمة العلماء ، في زمانه ، في التفسير والحديث وغيرذلك من العلوم .

في عهد والده استطاع فتح الحجازودخل مكة المكرمة ، بعد ان تركها الشريف غالب ورحل الى جدة تاركا اخاه عبدالمعين فيها ، فقام عبدالمعين بالكتابة الى الأمير سعود يعرض عليه الولاء على ان يبقيه على مكة ، فوافق سعود ودخل  مكة دون قتال وازال مافيها من قباب والغى الضرائب الجائرة ، كما كتب الى السلطان سليم الثالث ليمنع والي مصر ووالي دمشق من ارسال المحمل الذي تصاحبه الطبول ، ثم اتجه الى جده وحاصرها ، ولكنه وجد تحصيناتها قوية فتركها وعاد الى الدرعية ، وبعد مغادرة الإمام الى الدرعية قام الشريف غالب بالعودة الى مكة والاستيلاء عليها.

وفي العام الذي عاد فيه الأمير سعود الى الدرعية " 1217هـ " توفي الإمام عبدالعزيز وتولى الإمام سـعود الحكم .

 وفي عام 1220هـ أمر اتباعه في الحجاز وعسير بمهاجمة الشريف غالب في مكة ،  ولما ادرك الشريف ضعف موقفه طلب الصلح ورضي أن يكون تابعا للدولة السعودية على أن يبقى اميرا لمكة ، فوافق الإمام على طلبه، وكانت المدينة قد اعلنت ولائها للإمام ، كما كانت عسير قد انضمت اليه قبل ذلك وزعيمها عبد الوهاب ابو نقطه الذي كان متحمسا للدعوة الاصلاحية ، فأصبح الحجاز كله تابعا للدولة السعودية .

حين دخل الإمام مكة وابقى الشريف غالب على منصبه غضب السلطان العثماني وأمر محمد علي والي مصر باخراج ال سعود من الحجاز ، فكلف محمد علي ابنه طوسون بقيادة الحمله وانطلق بها عام 1226هـ واستولى على ينبع ثم سارالى المدينة ، ولكنه لقي مقاومة شديدة من جيش الإمام سعود الكبير بقيادة ابنه عبدالله الذي هزم طوسون واخذ جميع امواله  فاستنجد طوسون بوالده فارسل له المدد والأموال التي استعان بها في اغراء رجال القبائل واستطاع ان يستميل بعض قبائل حرب وجهينة واتجه الى المدينة واستولى عليها ، ثم سارالى جدة ودخلها بدون مقاومة باتفاق سري مع الشريف غالب ، ثم اتجه الى مكه بعد ان تركها السعودين ودخلها عام 1228هـ 1813م ، واستولى على الخرمة والطائف ، وارسل فرقة من رجاله الى الحناكية تمهيدا لغزو نجد ، وبعث فرقة اخرى الى تربه للاستيلاء عليها فقام الإمام سعود بالهجوم على الفرقة الموجودة في الحناكية واجبرهم على الاستسلام ، ثم قام بهجمات ناجحة على القبائل التي وقفت مع جيش طوسون ووصل بقواته الى ضواحي المدينة ، ثم عاد الى الدرعية وارسل جيشا الى تربه هزم قوات طوسون التي ارسلها الى هناك .

قرر محمد علي ان يتوجه بنفسه بأمدادات جديدة ، ولما وصل الى الحجاز قام بخلع الشريف غالب وارسله الى مصر مع عائلته وعين مكانه ابن اخيه الشريف يحي بن سرور ، وعاد الى مصر.  

وبعد خروج المصريين في عام 1229هـ تُوفِّيَ في الدرعية الإمام سعود وهو في الثامنة والستين ، وتولى الحكم بعده ابنه عبد الله .