1/ أبو العباس السفاح 132- 136هـ/750 - 754م

عبدالله ابن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس . ولد بالحميمة سنة 104هـ /727م (وهي قرية موجودة بالأردن حاليا) في أيام حكم الأمويين للشام، ووالده هو الإمام محمد بن علي المعروف بالسجاد (وهو غير الإمام علي السجاد زين العابدين بن الحسين بن علي)، نزل والده الحميمة انقطاعًا عن الدنيا للعبادة، وفيها نزل عليه  ضيفًا  محمد ابن الحنفية بن علي بن أبي طالب، وكان راجعا من سليمان بن عبد الملك، وتوفي عنده بعد أنْ نقل إليه أسرار الدعوة السرية لآل البيت.

اضطلع محمد بن علي وأبناؤه بالدعوة السرية، ودعموها، وحين توفي محمد بن علي، تولى الدعوة من بعده ابنه إبراهيم الإمام ، وكاد الأمر أن يتم لولا أنْ كشفه مروان بن محمد فقتله، وفر أبو العباس وأخوه أبو جعفر إلى الكوفة، وكان إبراهيم أوكل الأمر إلى أبي العباس من بعده مع أنَّه أصغر من أبي جعفر، لانه ابن  حرَّة،  وأبو جعفر ابن أمة بربرية. وعرف بالسفاح لقوله عن نفسه في أول خطبة له: أنا السفاح المبيح، وأنا الثائر المبير، وقيل: لكثرة ماسفح من دماء بني أمية. وكانت إقامته بالأنبار، حيث بنى عاصمته وسماها الهاشمية. وهو أول من اتخذ الوزارة في الإسلام.

حكم أبو العباس أربعة سنوات  حوَّل خلالها الدعوة إلى دولة .. سكن الكوفة ثم تركها وأقام بالحيرة، ثم اختار مدينة "الأنبار" فبنى بها قصورًا وأحب الإقامة بها، وظل فيها حتى توفي. وكان لابد من تأمين الحدود، ورفع راية الإسلام ونشره في ربوع الأرض لتصبح كلمة الله هي العليا، فبدأت من جديد تلك الحملات لتأديب الروم أعداء الإسلام والمسلمين. و سيطر الجيش الإسلامى في عصره من جديد على بلاد ما وراء النهر، وهى ما يعرف الآن بالجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى التى أستقلت عن الإتحاد السوفيتي مؤخرًا.
ولم يخل عهده من ثورات قام بها بعض قواد الأمويين في أول عهده بالخلافة وفى آخره.

توفي أبو العباس  بعد أن أوصى لأخيه أبى جعفر المنصور بالخلافة من بعده.

 

2/أبو جعفر عبد الله المنصور 136-158هـ/754-775م

ثاني خلفاء بني العباس وأقواهم. وهو أسن من السفاح بعشر سنين ولكن إخوة الإمام إبراهيم بن محمد بن علي حينما قبض عليه جنود مروان بن محمد سلم الإمامة للعباس دون المنصور. والمنصور هو مشيد مدينة بغداد التي تحولت لعاصمة الدولة العباسية. وتولى الخلافة بعد وفاة اخيه العباس من عام 754م حتى وفاته في عام 775م
كان الهم الأكبر للمنصور أثناء حكمه هو تقوية حكم أسرة "بني العباس" و التخلص من أي خطر يهدد سيطرتهم حتى لو كان حليفا سابقا مثل أبو مسلم الخراساني الذي قاد الثورة العباسية ضد الأمويين في خراسان.
ويعتبر أبو جعفر هو المؤسس الحقيقي للدولة العباسية  وسار أبناؤه الخلفاء من بعدة على مسيرته؛ وهو فوق ذلك جعل لبني العباس سند شرعي في وراثة الدولة أعطت لهم السبق على أبناء عمهم الطالبيين تمثلت في المكاتبات بينه وبين محمد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية ويتلخص ذاك السند في الفتوى بإن العم أحق في الوراثة من البنت وإبن العم ويقصد بذلك فاطمة الزهراء، و علي بن أبي طالب ، كما إن المنصور هو من سن السياسة الدينية وجعلها أساسا لحكم العباسيين وذهب في ذلك إلى ابعد حد حتى قال إنما انا سلطان الله في ارضه.
ولادته ونشأته: في قرية "الحميمة" التي تقع في معان جنوب الأردن ولد عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس سنة (95هـ = 714م)، ونشأ بين كبار رجال بني هاشم الذين كانوا يسكنون الحميمة، فشب فصيحا عالما بالسير والأخبار، ملما بالشعر والنثر. وكان أبوه محمد بن علي هو الذي نظّم الدعوة العباسية، وخرج بها إلى حيز الوجود، واستعان في تحركه بالسرية والكتمان، والدقة في اختيار الرجال والأنصار والأماكن التي يتحرك فيها الدعاة، حيث اختار الحميمة والكوفة وخراسان.
وحين نجحت الدعوة العباسية وأطاحت بالدولة الأموية؛ تولى أبو العباس السفّاح الخلافة واستعان بأخيه جعفر في محاربة أعدائه والقضاء على خصومه وتصريف شئون الدولة، وكان عند حسن ظنه قدرة وكفاءة فيما تولى، حتى إذا مرض أوصى له بالخلافة من بعده، فوليها في (ذي الحجة 136هـ = يونيو 754م) وهو في الحادية والأربعين من عمره.

قام عم ابو جعفر عبد الله بالثورة  مدعيا بانه احق بالخلافة من المنصور وان السفاح اوصى له بالخلاغة من بعده ، فقبض عليه  ابو جعفر وحبسه في قلعة قرب الهاشمية ثم بنى له دار اساسها من الملح ونقله مع اهله اليها بكل احترام فلما نزلت الامطار تهدمت الدار على من فيها.
وبدأ الجو يصفو لأبى جعفر بعد مقتل عمه "عبد الله" إلا من بعض الإزعاج الذى كان يسببه له أبو مسلم الخراسانى؛ وبسبب مكانته القوية في نفوس أتباعه واستخفافه بالخليفة المنصور ورفضه المستمر للخضوع له؛ فأبو مسلم يشتد يومًا بعد يوم وساعده يقوى وكلمته تعلو ، وكان له طوائف يعتقدون بنبوته، أما وقد شم منه رائحة خيانة فليكن هناك ما يوقفه عند حده، وهنا فكر المنصور جديّا في التخلص منه،وقد حصل له ما أراد، فأرسل إلى أبى مسلم يخبره انه ولاه على مصر والشام وعليه أن يوجه إلى مصر من يختاره نيابة عنه ويكون هو بالشام - ليكون قريبًا من الخليفة وأمام عينيه وبعيدًا عن خراسان  حيث شيعته وموطن رأسه - إلا أن أبا مسلم أظهر سوء نيته وخرج على طاعة إمامه ونقض البيعة ولم يستجب لنصيحة أحد، فأغراه المنصور حتى قدم إليه في العراق فقتله في سنة 137هـ/ 756م، ولأن مقتل رجل كأبى مسلم الخراسانى قد يثير جدلا كبيرًا فقد خطب المنصور مبينًا حقيقة الموقف،  ومع ذلك فلم تهدأ الأمور، ولم يصفُ الجو لأبى جعفر المنصور كما كان يتمنى فكان ممن غضب لمقتل أبى مسلم الخراسانى، رجل مجوسى اسمه "سُنباد" ثار والتف حوله الكثيرون من أهل "خراسان"، فهجموا على ديار المسلمين في "نيسابور" و"قومس" و"الرى"، فنهبوا الأموال وقتلوا الرجال وسبوا النساء، ثم تبجحوا، فقالوا: إنهم عامدون لهدم الكعبة، فأرسل إليهم المنصور جيشًا بقيادة جمهور ابن مرار العجلي، فهزمهم واستردَّ الأموال والسبايا، ولا يكاد أبو جعفر يتخلص من "سنباد" ، حتى واجه ثائرًا ينادى بخلع المنصور.
إنه "جمهور بن مرار العجلي" قائد جيوش المنصور التى هزمت "سنباد". لما هزم "جمهور" سنباد، واسترد الأموال، كانت خزائن أبى مسلم الخراسانى من بينها، فطمع "جمهور"، فلم يرسل المال إلى الخليفة المنصور، بل ونقض البيعة ونادى بخلع المنصور، فأرسل المنصور القائد الشجاع "محمد بن الأشعث" على رأس جيش عظيم، فهُزِم جمهور وفر هاربًا إلى "أذربيجان".
ومن أخطر الثورات التى واجهت المنصور خروج محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، وكان من أشراف بنى هاشم علمًا ومكانة، وكان يلقب بـ "النفس الزكية" وكان قد اجتمع العلويون والعباسيون معًا وبايعوه في أواخر الدولة الأموية، ومن ضمن المبايعين "المنصور" نفسه، فلما تولى الخلافة لم يكن له هم إلا طلب محمد هذا خشية مطالبته بطاعة هؤلاء الذين بايعوه من قبل، وهنا خرج "محمد" النفس الزكية بالمدينة سنة 145هـ/763م، وبويع له في كثير من الأمصار. وخرج أخوه "إبراهيم" بالبصرة، واجتمع معه كثير من الفقهاء، وغلب أتباعه على "فارس" و"واسط" و"الكوفة"، وشارك في هذه الثورة كثير من الأتباع من كل الطوائف كما أن الإمام ابوحنيفة والإمام مالك أفتوا بصحة دعوته . وبعث المنصور إلى "محمد النفس الزكية" يعرض عليه الأمن والأمان له ولأولاده وإخوته مع توفير ما يلزم له من المال، فيرد "محمد" بأن على المنصور نفسه أن يدخل في طاعته هو؛ ليمنحه الأمان. وكانت المواجهة العسكرية هى الحل بعد فشل المكاتبات، واستطاعت جيوش أبى جعفر أن تهزم "النفس الزكية" بالمدينة وتقتله، وتقضي على أتباع إبراهيم في قرية قريبة من الكوفة وتقتله أيضا كما قام المنصور بحبس ابي حنيفة وجلد مالك دون رحمة.
اعتنى المنصور بالمساجد، خاصة المسجد الحرام، فعمل على توسعته سنة 140هـ/757م، وسار إلى بيت المقدس بعد أن أثر فيه ذلك الزلزال الذي حدث ببلاد الشام، فأمر بإعادة بنائه مرة أخرى، وبنى مسجدًا بمنى وجعله واسعًا، يسع الذين يقفون في منى من حجاج بيت الله، وشهدت مدن الدولة الكبرى نهضة إنشائية وعمرانية، روعي فيها بناء العديد من المساجد في البصرة والكوفة وبغداد وبلاد الشام وغيرها من أقاليم الدولة.
مع اهتمام المنصور بالزراعة والصناعة وتشجيعه لأصحاب المهن والصناعات، وتأمينه خطوط التجارة والملاحة في الخليج العربي حتى الصين من خطر القراصنة الذين كانوا يقطعون طرق التجارة، ويقتلون التجار، ويستولون على الأموال، وراح قُواده يؤدبون هؤلاء اللصوص. وكثيرًا ما يعود قواده من الغزو في البحر بالغنائم والأسرى حتى انقطعت القرصنة بعد عام 153هـ/770م، ولقد تم في عهده إعادة فتح مدينة طبرستان عام 141هـ/759م، في بلاد ما وراء النهر.
أعطى المنصور اهتمامًا بالغًا بجهة الشمال؛ فراح يأمر بإقامة التحصينات والرباطات على حدود بلاد الروم. وكانت الغزوات المتتابعة سببًا في أن ملك الروم راح يطلب الصلح، ويقدم الجزية صاغرًا سنة 155هـ/772م. وقام المنصور بحملة تأديبية على جزيرة قبرص في البحر الأبيض المتوسط، أثر قيام أهلها بمساعدة جيش الروم، ونقضهم العهد الذي أخذوه على أنفسهم يوم أن فتح المسلمون الجزيرة .
ذهب الخليفة المنصور للحج عام 158هـ، 775م، فمرض في الطريق، وكان إبنه محمد "المهدي" قد خرج ليشيعه في حجه، فأوصاه بإعطاء الجند والناس حقهم وأرزاقهم ومرتباتهم، وأن يحسن إلى الناس، ويحفظ الثغور، ويسدد دينًا كان عليه مقداره ثلاثمائة ألف درهم، كما أوصاه برعاية إخوته الصغار، وقال : إنني تركت خزانة بيت مال المسلمين عامرة، فيها ما يكفى عطاء الجند ونفقات الناس لمدة عشر سنوات.
وقبل أن يدخل مكة توفي على أبوابها، لقد كان يلبس الخشن ورعًا وزهدًا وتقوى، ولم يُرَ في بيته أبدًا لهو ولعب أو ما يشبه اللهو واللعب.
ومن الأعمال الجليلة التي تُذكر للمنصور عنايته بنشر العلوم المختلفة، ورعايته للعلماء من المسلمين وغيرهم، وقيامه بإنشاء "بيت الحكمة" في قصر الخلافة ببغداد وإشرافه عليه بنفسه ليكون مركزا للترجمة إلى اللغة العربية. وقد أرسل أبو جعفر إلى إمبراطور الروم يطلب منه بعض كتب اليونان فبعث إليه بكتب في الطب والهندسة والحساب والفلك فقام نفر من المترجمين بنقلها إلى العربية.
وقد بلغ نشاط بيت الحكمة ذروته في عهد الخليفة المأمون الذي أولاه عناية فائقة، ووهبه كثيرا من ماله ووقته، وكان يشرف على بيت الحكمة قيّم يدير شئونه، ويُختار من بين العلماء المتمكنين من اللغات. وضم بيت الحكمة إلى جانب المترجمين النسّاخين والخازنين الذين يتولون تخزين الكتب، والمجلدين وغيرهم من العاملين. وظل بيت الحكمة قائما حتى داهم المغول بغداد سنة (656هـ = 1258م).

 


3/ محمد المهدي 158-169هـ/775ـ785م

أبو عبد الله محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي المهدي بالله. هو ثالث خلفاء الدولة العباسية بالعراق. ولد   بالأهواز سنة 127 هـ \714م. ولي الخلافة بعد وفاة أبيه أبي جعفر المنصور .
كان المهدي محمود السيرة محببا إلى الرعية حسن الخلق والخلق
وبدأ عهده بإصلاح الحالة التي أدت إليها أعمال القسوة والعنف في عهد أبيه فأطلق سراح جميع المساجين ورد لآل البيت أملاكهم التي صادرها أبوه ،  وفى عهده فتحت إربد من الهند وكثرت الفتوح بالروم كما بنى جامع الرصافة واستمر انتعاش بغداد في وقته وازدادت شهرتها واستقطبت المزيد من المهاجرين إليها من شتى الأعراق والأديان حتى يقال أنها كانت أكثر مدن العالم سكانا في ذاك الوقت.

ازداد نفوذ البرامكة في عصره وظهر في عهده المقنع هاشم بن حكيم الذي ادعى النبوة في خراسان ، وقد جد المهدي في تتبع الزنادقة وإبادتهم والبحث عنهم في الآفاق والقتل على التهمة.

توفي المهدي سنة 169 هـ\775م أثناء قيامه برحلة صيد وكان ابنه هارون الرشيد حاضرا فأعلن في الحال خلافة أخيه موسى بناء على وصية والدهم ، وكانت مدة خلافته عشر سنين وشهرا.


 

4/  موسى الهادي 169-170هـ/785-786م

موسى بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور . ولد بالري سنة 144 هـ \766م. ولي الخلافة بعد وفاة أبيه وعمره 24 سنة. اتبع وصية أبيه أن يقوم بقتل الزنادقة فتتبعهم وقتل منهم خلقا كثيرا.
كان الهادي أكبر أخوته، كان الهادي أديبا فصيحا واشتهر بكرمه وجزيل عطائه ولكنه كان قاسي القلب ولم يقدر اخلاص اخيه هارون له فحاول نزع ولاية العهد منه وجعلها لابنه جعفر ولكنه لم يستطع .

قامت في عصره العديد من الثورات والصراعات الحربية الداخلية والخارجية، كان من بينها ثورة الحسين بن علي بن الحسن الذي أعلن نفسه خليفة في المدينة حين ادعى والي المدينة زورا أن ال البيت يعاقرون الخمر في المدينة ، ولقد تم قمع هذه الثورة والقضاء على الحسين ورجاله، إلا أن ادريس بن عبد الله ابن عم الحسين بن علي نجا من القتل وهرب إلى المغرب، وأسس هناك دولة الأدارسة.
وتوفي الهادي في عيسى اباد  عام 170 هـ \787م.




5/  هارون الرشيد170-193هـ/ 786-809م

هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.   ولد (حوالي 763م - 24 مارس 809م) وهو الخليفة العباسي الخامس، وهو أشهر الخلفاء العباسيين. حكم بين 786 و 809 م. ووالدته الخيزران بنت عطاء‎ . وهو أكثر من تعرض تاريخه للتشويه والتزوير من خلفاء الإسلام، مع أنه من أكثر خلفاء الدولة العباسية جهادا وغزوا وأهتماما بالعلم والعلماء، و بالرغم من هذا أشاعوا عنه الأكاذيب وأنه لاهم له سوى الجواري والخمر والسكر، ونسجوا في ذلك القصص الخرافية ومن هنا كان إنصاف هذا الخليفة واجبا على كل مؤرخ مسلم. وكتب التاريخ مليئة بمواقف رائعة للرشيد في نصرة الحق وحب النصيحة وتقريب العلماء لا ينكرها إلا جاحد أو مزور، ويكفيه أنه عرف بالخليفة الذي يحج عاما ويغزو عاما.
ولد هارون في 148 هجرياً، وكان مولده بالري حين كان أبوه أميرا عليها وعلى خراسان. نشأ الرشيد في بيت ملك، وأُعد ليتولى المناصب القيادية في الخلافة، وعهد به أبوه الخليفة أبو عبد الله محمد المهدي إلى من يقوم على أمره تهذيبًا وتعليمًا وتثقيفًا، حتى إذا اشتد عوده واستقام أمره، ألقى به أبوه في ميادين الجهاد، وجعل حوله القادة الأكفاء، يتأسى بهم، ويتعلم من تجاربهم وخبراتهم، فخرج في عام 165 هـ اي 781م على رأس حملة عسكرية ضد الروم، وعاد محملاً بأكاليل النصر، فكوفئ على ذلك بأن اختاره أبوه وليًا ثانيًا للعهد بعد أخيه أبو محمد موسى الهادي
تمت البيعة للرشيد بالخلافة في (14 من شهر ربيع الأول 170هـ= 14 من سبتمبر 786م)، بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف كثيرا تمتد من وسط آسيا حتى المحيط الأطلنطي، معرضة لظهور الفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحازمة يفرض سلطانها الأمن والسلام، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلاً لهذه المهمة الصعبة في وقت كانت فيه وسائل الإتصال شاقة، ومتابعة الأمور مجهدة.
بتولي الرشيد الحكم بدأ عصر زاهر كان واسطة العقد في تاريخ الدولة العباسية التي دامت أكثر من خمسة قرون، ارتقت فيه العلوم، وسمت الفنون والآداب، وعمَّ الرخاء ربوع الدولةالإسلامية. ويزداد إعجابك بالرشيد حين تعلم أنه أمسك بزمام هذه الدولة وهو في نحو الخامسة والعشرين من عمره، فأخذ بيدها إلى ما أبهر الناس من مجدها وقوتها وازدهار حضارتها.
كما استعمل الرشيد الرقة عاصمة له بين عامي 796 و808 .
وأنشأ بمايعرف ببيت الحكمة وزودها بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من مختلف بقاع الأرض. وكانت تضم غرفًا عديدة تمتد بينها أروقة طويلة، وخُصصت بعضها للكتب، وبعضها للمحاضرات، وبعضها الآخر للناسخين والمترجمين والمجلدين. وغدت بغداد قبلة طلاب العلم من جميع البلاد، يرحلون إليها حيث كبار الفقهاء والمحدثين والقراء واللغويين، وكانت المساجد الجامعة تحتضن دروسهم وحلقاتهم العلمية التي كان كثير منها أشبه بالمدارس العليا، من حيث غزارة العلم، ودقة التخصص، وحرية الرأى والمناقشة، وثراء الجدل والحوار. كما جذبت المدينة الأطباء والمهندسين وسائر الصناع. وكان الرشيد نفسه يميل إلى أهل الأدب والفقه والعلم، حتى ذاع صيت الرشيد وطبق الآفاق ذكره، وأرسلت بلاد الهند والصين وأوروبا رسلها إلى بلاطه تخطب وده، وتطلب صداقته.
أحاط الرشيد نفسه بكبار القادة والرجال من ذوي القدرة والكفاءة وخاصةً من البرامكة أمثال يحيى بن خالد البرمكي حتى حدث نزاع بين الخليفة الرشيد والبرامكة ونتج عن ذلك أن الرشيد حبس البرامكة وعلى رأسهم كبيرهم وأميرهم يحي بن خالد البرمكي.
كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه ضد الروم، فلما ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريبا .واضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت إيريني ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة 181هـ، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي خلف إيريني في سنة 186هـ ، وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ (أي بمعنى القلعة القوية)، وأقامت نفسها مقام البَيْدق (أي بمعنى الجندي الضعيف)، فحملت إليك من أموالها، ما كنت حقيقًا بحمل أضعافه إليها، ولكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك".
فلما قرأ هارون هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر رسالة الإمبراطور: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".
وخرج هارون بنفسه في 183 هـ، حتى وصل هرقلة واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى الرشيد كما كانت تفعل إيريني من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله في عام 188هـ وهزمه هزيمة منكرة، وقتل من جيشه أربعين ألفا، وجُرح نقفور نفسه.
أراد شارلمان أن يقلل من خطر هجوم بيزنطية عليه فوضع خطة لعقد اتفاق ودي مع هارون الرشيد، وقد أيد هارون ما نشأ بينهما من حسن التفاهم بأن أرسل إليه عدداً من الفيلة ومفاتيح الأماكن المقدسة في بيت المقدس. وردّ الإمبراطور الشرقي على ذلك بأن شجع أمير قرطبة على عدم الولاء لبغداد، وانتهى الأمر في عام 812 حين اعترف إمبراطور الروم بشارلمان إمبراطوراً نظير اعترافه بأن البندقية وإيطاليا الجنوبية من أملاك بيزنطية, ومن المواقف الطريفة التى حدثت بين الرشيد وشارلمان انه ارسل اليه ساعة مائية دقاقة وتحسب الثوانى بدقة عالية ففكر شارلمان هو وكبار القصر في هذا فظنوا انها سحرا وظنوا ان الرشيد يريد ان يدبر لهم مكيدة فضحك الرشيد عندما سمع هذا الكلام وهذا خير دليل على تقدم العرب على العالم وتأخر أوروبا علميا وثقافيا في هذا الوقت.
وفي معرض تقديم المستشرقة الألمانية زغريد هونكة في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب لشارلمان ذكرت أنه حالف هارون الرشيد على خلفاء الأندلس الأمويين.
تعرضت صورة هارون الرشيد لكثير من التشويه من قبل من يختلفون معه في الفكر والمنهج ومنها الفظائع التي كتبها الأضفهاني الأموي النسب والشيعي المعتقد في كتابه الأغاني وغيرها من المؤلفات المدسوسة والتي لاتعتمد على مصدر علمي أو أساس تبنى عليه ولنرجع إلى ماقاله أئمة الإسلام والمؤرخين المعتمدين في سيرة هذا الإمام الجليل. قال السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء:
وكان من أميز الخلفاء واجل ملوك الدنيا وكان كثير الغزو والحج كما قال فيه أبو المعالي الكلابي:
فمن يطلب لقاءك أو يـرده فبالحرمين أو أقصى الثغور
ففي أرض العدو على طمر وفي أرض الترفه فوق كور
وقال أيضا: وكان أبيض طويلاً جميلا مليحاً فصيحاً له نظر في العلم والأدب. وكان يحب العلم وأهله ويعظم حرمات الإسلام ويبغض المراء في الدين والكلام في معارضة النص.
وقال الذهبي في ترجمته للرشيد ضمن كتابه سير أعلام النبلاء:
وكان من أنبل الخلفاء وأحشم الملوك ذا حج وجهاد وغزو وشجاعة ورأي وأمه أم ولد اسمها خيزران.
وكان أبيض طويلاً جميلاً وسيما إلى السمن ذا فصاحة وعلم وبصر بأعباء الخلافة وله نظر جيد في الأدب والفقه قد وخطه الشيب أغزاه أبوه بلاد الروم وهو حدث في خلافته كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات ويتصدق بألف وكان يحب العلماء ويعظم حرمات الدين ويبغض الجدال والكلام ويبكي على نفسه ولهوه وذنوبه لا سيما إذا وعظ وكان يحب المديح ويجيز الشعراء ويقول الشعر. قال أبو معاوية الضرير: ما ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي الرشيد إلا قال: صلى الله على سيدي ورويت له حديثه وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيى ثم أقتل فبكى حتى انتحب. حج غير مرة وله فتوحات ومواقف مشهودة ومنها فتح مدينة هرقلة ومات غازياً بخراسان
تطورت الأمة الإسلامية في عهد الرشيد أيما تطور وبرع المسلمون في عهده في كافة الفنون وفي ميادين الطب والهندسة, مومن العجائب ومارواه السيوطي والذهبي من أن هارون الرشيد كان يفكر في عمل قناة السويس الموجودة حاليا قبل أكثر من ألف عام وانتهى عن ذلك تحسبا لغزوات الروم ودخولهم الحجاز قال الذهبي: وقال المسعودي في مروجه: رام الرشيد أن يوصل ما بين بحر الروم وبحر القلزم مما يلي الفر ما فقال له يحيى البرمكي: كان يختطف الروم الناس من الحرم وتدخل مراكبهم إلى الحجاز ((وهي قناة السويس حاليا))
كان الرشيد على غير ما تصوره بعض كتب الأدب، دينا محافظًا على تكاليف الإسلام، وصفه مؤرخوه أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا، وينفق على الفقراء من ماله الخاص، ولا يتخلف عن الحج إلا إذا كان مشغولاً بالغزو والجهاد، وكان إذا حج صحبه الفقهاء والمحدثون. وكان اذا دخل عليه الشاعر أبا العتاهيه ونصحه بكى بكاءا شديدا وأغمي عليه.
وظل عهده مزاوجة بين جهاد وحج، حتى إذا جاء عام 192 هـ، فخرج إلى خراسان لإخماد بعض الفتن والثورات التي أشتعلت ضد الدولة، فلما بلغ مدينة طوس أشتدت به العلة، وتُوفي في 3 من جمادى الآخر 193هـ،الموافق 4 من إبريل 809م، بعد أن قضى في الخلافة أكثر من ثلاث وعشرين سنة، وتعتبر هذه الفترة العصر الذهبي للدولة العباسية. ويقال عنه أنه بنى قبره قبل موته بفترة وكان يداوم على زيارة هذا القبر وكان يدعو الله ويبكى ويقول: ( يا من لا يزول ملكه أرحم من زال ملكه).
وقف أمام السحاب ذات مرة وقال لها:( ياغمامة أمطرى حيثما شئت فخراجك عائد إلي )،(أي بمعنى زكاتك راجعة لبيت المال عندي). وهذا دلالة على سعة الدولة العباسية وبلوغها أوج عظمتها في عصره.

 

6/  الامين 193 ـ198هـ/809-813م


ولى الأمين الخلافة بعد أبيه هارون الرشيد وكان الرشيد قد عزم على تولية المامون من بعده باعتباره أكبر اولاده سنا, الا انه عاد فعدل عن ذلك وبايع ابنه الأمين ،بسبب تدخل امه زبيدة في الأمر . ولما آلت الخلافة إلى الأمين ،عول على خلع اخيه المامون من ولاية العهد ،وشجعه على ذلك وزيره (الفضل بن الربيع) وحثه على تولية ابنه الرضيع موسى ولاية العهد وسماه( الناطق بالحق)ومن ذلك الحين بدات الفتنه بين الامين والمامون وسببها في الواقع نكث الأمين للعهد على نفسه في حياة ابيه مما اغضب الخراسانيين وغيرهم من الأمصار الأسلامية ، وتطورت لتصبح نزاعا بين الفرس والعرب
ظل الأمين خمس سنوات خليفة بالأسم دون الفعل لأن سلطته لم تكن تامه على جميع الأقاليم العباسية )
وكان الأمين شابا مولعا بالصيد والموسيقى والشراب والترف واللامبالاة لأمور الحكم ومسلما زمام الامور إلى وزيره ( الفضل بن الربيع ) ووقف معه في نزاعه مع اخيه أشهر القادة العرب حينذاك (علي بن عيسى بن ماهان) (وعبد الرحمن بن جبله) بينما وقف مع المامون وزيره (الفضل بن سهل وقادته هرثمة بن الأعين وطاهر بن الحسين)وهما من الفرس خلع الامين أخاه المامون سنة 195 للهجرة وامر المامون بالقدوم إلى بغداد لتقديم البيعة فعهد المامون إلى قائديه هرثمة ..وطاهر بالهجوم على بغداد فدارت رحى حرب رهيبة في موقعة يقال لها (الرى) وهزم جيش الأمين وقتل قادت الأمين وحوصرت بغداد 12 شهرا وضربت بالمنجنيق وخربت المدينة وهدمت اسوارها واحترقت اسواقها ورغم كل ذلك استمر الأمين بلعبه ولهوه غير مبالأ لما يحدث فهاجموه جند المامون وقتلوه وارسلت راسه إلى المامون في خراسان.
محمد الأمين بن هارون الرشيد كان إبنا لزبيدة التي يقال عنها لو أن زبيدة فردت شعرها لتعلق به خليفة فجدها أبو جعفر المنصور، وزوجها الرشيد وأبنها الأمين وأولاد زوجها المأمون والمعتصموأخو زوجها موسى الهادي. لا يشابهها فيها إلا العباسة أخت جدها المنصور فإخوتها أبو العباس السفاح وابو جعفر المنصور و أبن أخيها المهدي بن المنصور وأولاده الهادي والرشيد.
في هذا البيت تربى الأمين، فكيف يكون ذا لهو ولعب وغرائز، هذا ليس صحيحا ولكن الفرقاء من عرب وفرس وترك ساروا إلى إعطاب دولة العباسيين ومحاولة خلق الفتنة التي من شأنها قلب نظام الحكم وإضعاف الدولة. وهذا ما حدث إلى أن تم الأمر للمأمون فأستطاع بذكائه وفطنته أن يسيطر على الأمر بعد خمس سنوات عجاف.
لم يكن الأمين ولا المأمون يريدان الحرب والصراع، ولكن الفتنة أشد من القتل. ولا أقل أن نعرف أن المأمون حين نقل إليه رأس الأمين غضب غضبا شديدا، ولم يزل هكذا حتى إنتقم من الطاهر بن الحسين الخزاعي الذي قتل الأمين.
هذا ما ذكره المؤرخون عن الخليفة الامين وهم الثقاة من اعلامنا المعروفين مثل الطبري في( كتابه تاريخ الرسل والملوك )وابن الاثير في (الكامل في التاريخ) وكذلك السيوطي في كتابه ( تاريخ الخلفاء) وغيرها في الكثير من الكتب والمصادر التاريخية والتي هي المرجع لنا كباحثين ومؤرخين اما وجهات النظر الشخصية والاعتبارات الاخرى والتحاليل فهي لا تدخل ضمن الوقائع التي يتحدث عنها التاريخ على انها حقائق وحقائف دامغةلا يختلف عليها اثنين ؟؟؟

 

 

7/المأمون 198-218هـ/813-833م

 عبد الله المأمون بن هارون الرشيد. ولد عام 170هـ في الليلة التي مات فيها الهادي واستخلف أبوه وتوفي عام 218هـ. فترة الخلافة بالهجري: 198 -218. فترة الخلافة بالميلادي: 813 -833.
أمه أم ولد اسمها مراجل ماتت في نفاسها به.
كان من أفضل حكام بني ًالعباس و أكثرهم رجاحتا بالعقل
كان محبا للعلم جدا فتبحر في علوم الفلسفه وعلوم القران ودرس كثير من المذاهب فكان من أكثر ذاك الزمان قراءه عم في زمانه السلام بين العرب والروم مما ساعد بانتشار العلم واستقرار الدوله وزيادة دخلها انشاء كثير من المكتبات والمستشفيات و شجع على نشر العلم .
أصبح الأمر في المشرق والمغرب تحت سلطان المأمون وهو سابع خلفاء بنى العباس، لقد كان المأمون في ذلك الوقت واليًا من قبل والده على "خراسان" وكان يقيم في عاصمتها "مرو"، وكان من الطبيعى أن يفضِّلها بعد أن انفرد بالخلافة.
إنها تضم أنصاره ومؤيديه، فهو هناك في أمان واطمئنان، وكان الفرس يودون أن يبقى "بمرو" لتكون عاصمة الخلافة، ولكنها بعيدة عن مركز الدولة، وهى أكثر اتجاهًا نحو الشرق، مما جعل سيطرتها على العرب ضعيفة، بل إن أهل بغداد أنفسهم دخلوا في عدة ثورات ضد المأمون؛ حتى إنهم خلعوه أخيرًا، وبايعوا بدلا منه عمه إبراهيم بن المهدى. واضطر المأمون أخيرًا أن يذهب إلى بغداد وأن يترك "مرو" للقضاء على هذه التحركات في مهدها. الإحسان إلى الشيعة: كان معظم أعوان المأمون من الفرس، ومعظمهم من الشيعة، ولهذا اضطر المأمون لممالأه الشيعة وكسبهم إلى جانبه، فأرسل إلى زعماء العلويين أن يوافوه في عاصمته (وكانت مرو في ذلك الوقت)، فلما جاءوه أحسن استقبالهم، وأكرم وفادتهم، وما لبث بعد قليل أن عهد بولاية العهد إلى "على الرضا" وهى طبعًا خطوة جريئة؛ لأن فيها نقلا للخلافة من البيت العباسى إلى البيت العلوى. ولم يكتفِ بهذا، بل غير الشعار من السواد وهو شعار العباسيين إلى الخضرة وهى شعار العلويين. ورغم اعتراض أقاربه من العباسيين، فإن المأمون كان مصرًّّا على هذا الأمر، إذ كان يعتقد أن ذلك من بر على بن أبى طالب -رضى الله عنه-. وجاءت عمة أبيه زينب بنت سليمان بن على، وكانت موضع تعظيم العباسيين وإجلالهم، وهى من جيل المنصور، وسألته: ما الذى دعاك إلى نقل الخلافة من بيتك إلى بيت على؟ فقال: يا عمة، إنى رأيت عليّا حين ولى الخلافة أحسن إلى بنى العباس، وما رأيت أحدًا من أهل بيتى حين أفضى الأمر إليهم (وصل إليهم) كافأه على فعله، فأحببت أن أكافئه على إحسانه. فقالت: يا أمير المؤمنين إنك على بِرِّ بنى علىّ والأمر فيك، أقدر منك على برهم، والأمر فيهم. ولكن لم يلبث "على الرضا" أن مات وكان ذلك في سنة 203هـ/ 819م، وعلى كل حال لقد استطاع المأمون ببيعة "على الرضا" أن يقوى من سلطانه؛ لأنه بهذه البيعة أمن جانب العلويين. ولكن قامت ضد الخليفة المأمون ثورات عديدة اختلفت في مدى عنفها وشدتها، واستطاع القضاء عليها جميعًا. ثورة مصر: وكان أخطر هذه الثورات جميعًا ثورة مصر؛ ذلك أن جند مصر كانوا قد اشتركوا في خلافات الأمين والمأمون كل فريق في جانب، وبعد أن انتهى الخلاف بفوز المأمون، ظل الخلاف قائمًا بين جند مصر، وأصبح موضع الخلاف التنافس على خيرات مصر، فكان الجند يجمعون الخراج لا ليرسل للخليفة، بل ليحتفظوا به لأنفسهم. وقد قامت جيوش المأمون كثيرًا بمحاربتهم مع أهل مصر الذىن شاركوا في هذه الثورات، ولكن هذه الثورات ما لبثت أن أشعلت من جديد حتى أرسل إليهم جيشًا ضخمًا، فاستطاع القضاء على الثورة نهائيًا، كما تمكن قائده "طاهر بن الحسين" من القضاء على ثورات العرب أنصار الأمين، وهكذا سيطر على الدولة سكون وهدوء. انتشار الإسلام: وكان المأمون يكتب إلى عمّاله على خراسان في غزو من لم يكن على الطاعة والإسلام من أهل ما وراء النهر، ولم يغفل المأمون عن قتال الروم، بل غزاهم أكثر من مرة، وخرج بنفسه على رأس الجيوش الإسلامية لغزو الروم سنة 215هـ/830م، فافتتح حصن "قرة" وفتح حصونًا أخرى من بلادهم، ثم رحل عنها، وعاود غزو الروم في السنة الثالثة سنة 216هـ، ففتح "هرقلة" ثم وجّه قواده فافتتحوا مدنًا كبيرة وحصونًا، وأدخلوا الرعب في قلوب الرومان، ثم عاد إلى دمشق، ولما غدر الروم ببعض البلاد الإسلامية غزاهم المأمون للمرة الثالثة وللعام الثالث على التوالى سنة 217هـ، فاضطر الروم تحت وطأة الهزيمة إلى طلب الصلح. يرحم الله المأمون، لقد كان عصره من أزهى عصور الثقافة العربية. أخلاق المأمون: كان يقول: أنا والله أستلذ العفو حتى أخاف ألا أؤجر عليه، ولو عرف الناس مقدار محبتى للعفو؛ لتقربوا إلى بالذنوب! وقال: إذا أصلح الملك مجلسه، واختار من يجالسه؛ صلح ملكه كله. ورفع إليه أهل الكوفة مظلمة يشكون فيها عاملا؛ فوقَّع: عينى تراكم، وقلبى يرعاكم، وأنا مولّ عليكم ثقتى ورضاكم. وشغب الجند فرفع ذلك إليه، فوقَّع: لا يعطون على الشغب، ولا يحوجون إلى الطلب. ووقف أحمد بن عروة بين يديه، وقد صرفه على الأهواز، فقال له المأمون: أخربتَ البلاد، وأهلكت العباد فقال: يا أمير المؤمنين، ما تحب أن يفعل الله بك إذا وقفتَ بين يديه، وقد قرعك بذنوبك؟ فقال: العفو والصفح. قال: فافعل بغيرك ما تختار أن يفعل بك. قال: قد فعلت.. ارجع إلى عملك فوالٍ مستعطِف خير من وال مستأنف. وكتب إلى على بن هشام أحد عماله، وقد شكاه غريم له: ليس من المروءة أن تكون آنيتك من ذهب وفضة ويكون غريمك عاريًا، وجارك طاويًا. وهكذا كان المأمون.. حتى لقد وصفه الواصفون بأنه من أفضل رجال بنى العباس حزمًا وعزمًا وحلمًا وعلمًا ورأيًا ودهاءً، وقد سمع الحديث عن عدد كبير من المحدّثين، وبرع في الفقه واللغة العربية والتاريخ، وكان حافظًا للقرآن الكريم. النهضة العلمية: جاء في كتاب قصة الحضارة: أنه أرسل إلى القسطنطينية وغيرها من المدن الرومانية يطلب أن يمدوه بالكتب اليونانية، خاصة كتب الطب والعلوم الرياضية، وعندما وصلت هذه الكتب إلى أيدى المسلمين قاموا بترجمتها وفحصها ودراستها، وأنشأ المأمون في بغداد "بيت الحكمة" سنة 214هـ/829م، وهو مجمع علمى، ومكتبة عامة، ومرصد فلكى، وأقام فيه طائفة من المترجمين، وأجرى عليهم الأرزاق من بيت المال، فاستفاد المسلمون من هذه الكتب العلمية، ثم ألفوا وابتكروا في كافة العلوم، التى أسهمت في نهضة أوروبا يوم أن احتكت بالعرب في الحروب الصليبية وغيرها. وكان للمدارس التى فتحها المأمون في جميع النواحى والأقاليم أثرها في نهضة علمية مباركة. إلا أن الاطلاع على بعض فلسفات الأمم الأخرى قد جعل العقل يجتهد في أمور خارج حدوده وتفكيره، ومن هنا نشأ الفكر الاعتزالى الذى يُعْلى من قيمة العقل، ويجعله حكمًا على النص دون حدود أو قيود. الإسلام قد رفع من العقل، لكنه حدد له حدودًا يعمل فيها. لقد سمح المأمون لأولئك الذين اعتمدوا على العقل والمنطق في كل شىء بالتعبير عن آرائهم، ومعتقداتهم، ونشر مبادئهم من غير أن يتقيدوا بقيد أو يقفوا عند حد، فكان هذا من سوءاته التى أحدثت بين علماء المسلمين فتنة دامت تسع عشرة سنة، إلى أن شاء الله تعالى لتلك الفتنة أن تخمد، ولقد وصف الإمام السيوطى المأمون بقوله: "إنه كان من أفضل رجال بنى العباس لولا ما أتاه من محنة الناس". وانتقل المأمون إلى مولاه -سبحانه وتعالى- بعد حياة حافلة بالإنجازات في مختلف نواحى الدولة.
 مات في أيامه من الأعلام الإمام الشافعي  والسيدة نفيسة وأبو العتاهية والأصمعي وغيرهم كثيرون.

 

 

8/المعتصم 218-227هـ/833-842م

 أبو إسحاق محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور المشهور عنه قصة وامعتصماه. ولد المعتصم بالله سنة (179 هـ) . أمه أم ولد من مولدات الكوفة اسمها ماردة وكانت أحظى الناس عند الرشيد. وتُوفى المعتصم في سامراء سنة (227هـ).
تولى "المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد" الخلافة بعد أخيه المأمون، لقد بويع له بالخلافة يوم مات أخوه المأمون بـ"طرسوس".
بناء سامرَّا: فى سنة 221هـ بنى المعتصم مدينة "سُرَّ مَنْ رَأَى" أو "سَامِرَّاء"؛ وذلك أن بغداد ضاقت بكثرة الغلمان الترك الذين جلبهم المعتصم، فاجتمع إليه رجال من بغداد، وقالوا: إن لم تخرج عنا بهذا الجند حاربناك. قال: وكيف تحاربوننى؟ قالوا: بسهام الأسحار. قال: لا طاقة لى بذلك، فكان ذلك سبب بنائه "سر من رأى" وإقامته بها. فتح عمورية: ولا ينسى التاريخ للمعتصم "فتح عمورية" سنة 223هـ/ 838م، يوم نادت باسمه امرأة عربية على حدود بلاد الروم اعتُدِىَ عليها، فصرخت قائلة: وامعتصماه! فلما بلغه النداء كتب إلى ملك الروم: من أمير المؤمنين المعتصم بالله، إلى كلب الروم، أطلق سراح المرأة، وإن لم تفعل، بعثت لك جيشًا، أوله عندك وآخره عندى. ثم أسرع إليها بجيش جرار قائلا: لبيك يا أختاه! وفى هذه السنة (223هـ) غزا الروم وفتح "عمورية"، وسجل أبو تمام هذا الفتح العظيم في قصيدة رائعة. هذا هو المعتصم رجل النجدة والشهامة العربية، كتب إليه ملك الروم كتابًا يتهدده فيه، فأمر أن يكتب جوابه، فلما قرئ عليه لم يرضه، وقال للكاتب: اكتب. بسم الله الرحمن الرحيم.. أما بعد، فقد قرأت كتابك، وسمعت ندائك، والجواب ما ترى لا ما تسمع: (وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار) [الرعد: 42]. قال إسحق الموصلى: سمعتُه يقول: من طلب الحق بما هُو له وعليه؛ أدركه. مواجهة الثورات: لقد تحركت في عهده ثورات: ثورة الزط، وهم قوم من السند (باكستان وبنجلاديش الآن)، وانضم إليهم نفر من العبيد فشجعوهم على قطع الطريق، وعصيان الخليفة، وكان ذلك سنة 220هـ/835م؛ حيث عاثوا بالبصرة فسادًا، وقطعوا الطريق ونهبوا الغلات، فندب "المعتصم" أحد قواده بقتالهم وانتصر عليهم. وكانت هناك طائفة أخرى تسمى "الخُرَّمية" تنسب إلى أحد الزنادقة، ويسمى بابك الْخُرَّمى، وانضم خلق كثير من أهل فارس حول هذا الشيطان اللعين، وكان أول ظهور لهم سنة 021هـ، واستفحل أمرهم، فلما صار الأمر إلى المعتصم سنة 220هـ/ 835م، أخذ في إصلاح ما أفسده الخرمية بقيادة الأفشين حيدر بن كاوس، فتمكن من الانتصار عليهم، وجىء بزعيمهم بابك إلى المعتصم فأمر بقطع يدى بابك ورجليه، ثم جز رأسه وشق بطنه لعنه الله. لقد قتل من المسلمين في مدة ظهوره مائتى ألف وخمسة وخمسين ألف وخمسمائة إنسان، وأسر خلقًا لا يحصون، وأباح الحرمات، ونكاح المحرمات. وثار أحد العلويين بـ"الطالقان" من "خراسان" وهو محمد بن القاسم بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب، فقاتله عبد الله ابن طاهر مرة بعد أخرى حتى قبض عليه وسيق إلى السجن. وهكذا كانت تقوم ثورات ويقضى عليها، ولكن ذلك لم يمنع المعتصم من الاهتمام بالعمران والبناء فبنى مدينة سامرّا أو (سر من رأى) بشرقى نهر دجلة، ومد إليها نهرًا سماه نهر الإسحاقى. وعندما احترقت "سوق الكرخ" عوض التجار عن خسائرهم، واهتم بالبريد في أيامه حتى أصبحت الرسائل تصل بسرعة أكثر مما كانت عليه من قبل. الاستعانة بالترك: وإذا كان سابقوه من الخلفاء قد استعانوا بالفرس، فإن المعتصم كان محبّا للعنصر التركى، حتى اجتمع له منهم أربعة آلاف جندى، وأقطعهم الإقطاعات الكبيرة في مدينة سامرّا حتى لايضايق أهل بغداد، وكما كان للفرس دورهم في حياة الدولة العباسية منذ نشأتها فإن العنصر التركى أصبح له دوره. رحمه الله، لقد كانت خلافته ثمانى سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وهو ثامن الخلفاء من بنى العباس، ومات عن ثمانية بنين وثمانى بنات، وتولى الخلافة سنة ثمان عشرة ومئتين، وفتح ثمانية فتوح فكان يلقب بالمثمن، وكان طيب النفس، ومن أعظم الخلفاء وأهيبهم.

 

 

9/الواثق 227-232هـ/842-847م

 هو هارون الواثق بالله بن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد (232هـ/847) هو ثامن خلفاء العباسيين في العراق. ولد في بغداد سنة 200 هـ. أمه أم ولد رومية اسمها قراطيس.
وكانوا يسمونه المأمون الصغير لأدبه وفضله، وكان المأمون يجلسه وأبوه المعتصم واقف، وكان يقول: يا أبا إسحاق لا تؤدب هارون، فإنى أرضى أدبه، ولا تعترض عليه في شىء يفعله.
ولي الخلافة بعد وفاة أبيه المعتصم سنة 227 هـ. أحسن الواثق لأهل الحرمين حتى قيل إنه لم يوجد بالحرمين في أيامه سائل أي فقير. كان مشجعا للعلماء. وكانت وفاته في سامراء بالحمى سنة (232هـ/847).
قامت عدة ثورات في عهده في الشام وفلسطين بسبب الاحتكاكات بين السكان العرب والجيوش التركية التي شكلها والده المعتصم. تم إخماد هذه الثورات، إلا أن جذوة النقمة تضاعفت بين الأهالي.
قال أحمد بن حمدون: دخل هارون بن زياد مؤدب الواثق إليه فأكرمه إلى الغاية فقيل له من هذا يا أمير المؤمنين الذي فعلت به هذا الفعل فقال هذا أول من فتق لساني بذكر الله وأدناني من رحمة الله.
قال الواثق لابن أبى دُؤاد وزيره، وقد رجع من صلاة العيد: هل حفظت من خطبتى شيئًا؟ قال: نعم قولك يا أمير المؤمنين: "ومن اتبع هواه شرد عن الحق منهاجه، والناصح من نصح نفسه، وذكر ما سلف من تفريطه، فطهر من نيته، وثاب من غفلته، فورد أجله، وقد فرغ من زاده لمعاده، فكان من الفائزين".
هذا هو الواثق بالله، كانت خلافته خمس سنوات، قضى فيها على الثورات التى قامت في عهده، ولقَّن الخارجين على الدين والآداب العامة درسًا لا ينسى، وعزل من انحرف من الولاة، وصادر أموالهم التى استولوا عليها ظلمًا وعدوانًا، وأغدق على الناس بمكة والمدينة حتى لم يبقَ سائل واحد فيهما. وفى عهده فتحت جزيرة "صقلية"، فتحها الفضل بن جعفر الهمدانى سنة 228هـ/ 843م.

 

 

10/المتوكل 232-247هـ/847-861م

 أبو الفضل جعفر المتوكل على الله بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي (205-247 هـ). أمه أم ولد تركية اسمها شجاع. يُعَدُّ عهد الخليفة المتوكل هو بداية عصر ضعف الدولة العباسية وانحلالها، والذي انتهى بسقوطها على أيدي التتار سنة (656هـ/1258 م).
كان المتوكل مربوعا أسمر خفيف شعر العارضين. كان متمذهباً بمذهب الشافعي وهو أول من تمذهب له من الخلفاء. وكان منهمكاً في الفقهه والسنة والعلم هو الذي أخرج أحمد بن حنبل من محنته .
لقد بويع له بعد الواثق، وبدأ عهده بداية موفقة، فقد أمر بإظهار السنة، والقضاء على مظاهر الفتنة التى نشأت عن القول بخلق القرآن. وكتب إلى كل أقاليم الدولة بهذا المعنى، ولم يكتف بهذا، بل استقدم المحدِّثين والعلماء إلى مدينة "سامرَّا" وطلب منهم أن يحدثوا بحديث أهل السنة لمحو كل أثر للقول بخَلْق القرآن، وراح العلماء يتصدون لإحقاق الحق، وإبطال الباطل، وأظهر المتوكل إكرام الإمام "أحمد بن حنبل" الذى قاوم البدع، وتمسك بالسنن، وضرب وأوذى وسجن. لقد استدعاه المتوكل إليه من "بغداد" إلى "سامرا" وأمر له بجائزة سنية، لكنه اعتذر عن عدم قبولها، فخلع عليه خِلْعَةً عظيمة من ملابسه، فاستحيا منه الإمام أحمد كثيرًا فلبسها إرضاء له، ثم نزعها بعد ذلك. ويذكر للمتوكل تعيينه ليحيى بن أكثم لمنصب قاضى القضاة، وكان يحيى بن أكثم من كبار العلماء، وأئمة السنة، ومن المعظمين للفقه والحديث. هذا ولم يَخْلُ عهده من فتن وثورات قضى عليها وأعاد الأمن والطمأنينة للبلاد.
هو الخليفة العباسي العاشر. بنى مدينة المتوكلية وشيد المسجد الجامع ومئذنته الشهيرة الملوية في سامراء التي هي أحد معالم المدينة، وجدد مقياس النيل. بويع له لست بقين من ذي الحجة سنة 232 هـ، وازداد نفوذ الأتراك في حكمه
أظهر الميل إلى السنة ونصر أهلها وأنهى فتنة محنة خلق القرآن، وأخرج أحمد بن حنبل من الحبس وخلع عليه. واستقدم المحدثين إلى سامراء وأجزل عطاياهم وأكرمهم
وكان كريما ومحبا للسنة.
غارات الروم: وفى سنة 238هـ قام الروم بغزو بحرى مفاجئ من جهة دمياط، وهم الذين أدبهم المعتصم وأخرسهم في واقعة عمورية، لكنهم بعثوا بثلاثمائة مركب وخمسة آلاف جندى إلى دمياط، وقتلوا من أهلها خلقًا كثيرًا، وحرقوا المسجد الجامع والمنبر، وأسروا نحو ستمائة امرأة مسلمة، وأخذوا كثيرًا من المال والسلاح والعتاد، وفر الناس أمامهم، وتمكن الجنود الرومان من العودة إلى بلادهم منتصرين. ولم تمضِ ثلاث سنوات على هذا الغزو حتى عاود الروم عدوانهم على البلاد؛ فأغاروا على ثغر من الثغور يسمى "عين زربة" (بلد بالثغور قرب المصيصة بتركيا حصَّنها الرشيد)، وأسروا بعض النساء والأطفال، واستولوا على بعض المتاع. واستمرت المناوشات ومعارك الحدود بين الروم والمسلمين منذ سنة 238هـ -853م وحتى سنة 246هـ-860م بقيادة على بن يحيى الأرمنى. وكان الروم قد أجهزوا على كثير من أسرى المسلمين الذين رفضوا التحول إلى النصرانية؛ لأن أم ملك الروم كانت تعرض النصرانية على الأسارى فإن رفضوا تقتلهم، وتم تبادل الأسرى بمن بقى حيّا من المسلمين في السنتين الأخيرتين. غارات الأحباش: وعلى حدود مصر وبالقرب من بلاد النوبة، كان المصريون يعكفون على استخراج الذهب والجواهر الكريمة، وإذا بطائفة من الأحباش على مقربة من "عيذاب" على البحر الأحمر يعرفون باسم "البجة" يهجمون على تلك المناجم، ويقتلون عددًا كبيرًا من عمالها المسلمين، ويأسرون بعض نسائهم وأطفالهم مما جعل العمل في هذه المناجم يتوقف أمام هذه الهجمات. ويحاط المتوكل علمًا بما حدث، ويستشير معاونيه، ولكن معاونيه أخبروه بما يعترض إرسال الجيش من عقبات تتمثل في أن أهل "البجة" يسكنون الصحارى، ومن الصعب وصول جيش المتوكل إليهم، فلم يرسل إليهم في بادئ الأمر، وتمادى البجة في عدوانهم وتجرءوا، فأخذوا يُغيرون على أطراف الصعيد، حتى خاف أهله على أنفسهم وذرياتهم، واستغاث أهل الصعيد بالمتوكل، فجهز جيشًا بقيادة محمد بن عبد الله القمى من عشرين ألف رجل، على أن يعينه القائمون بالأمر في مصر بما يحتاج إليه الجيش من طعام وشراب ومؤن. والتقى الجيش مع هؤلاء المتمردين المعتدين، حتى فرقهم وقضى على جموعهم سنة 241هـ/ 856م، قاتلهم الله! لقد كانوا من عُبَّادِ الأصنام. إصلاح الداخل: وحاول المتوكل إصلاح ما فسد، فراح يعزل الكثير من عمال الولايات، ويصادر أملاكهم بعد أن عَمَّت الشكوى، وتفشى الفساد، مثلما عزل يحيى بن أكثم عن القضاء، وولى جعفر بن عبدالواحد مكانه، وكذلك عزل عامله على المعونة أبا المغيث الرافعى وعين مكانه محمد بن عبدويه. ريح شديدة: ولكنه لم يكد يُحكم سيطرته على العمال والولاة حتى هبت ريح سَمُوم، أكلت الأخضر واليابس، وأهلكت الزرع والضرع في الكوفة والبصرة وبغداد، واستمرت خمسين يومًا أوقفت فيها حركة الحياة، وقتلت خلقًا كثيرًا. زالزال مدمر: ويشاء الله أن يأتى زلزال فيؤدى إلى قتل عدد كبير من الناس، لقد بدأت الزلازل في السنة التى تولى فيها المتوكل أمر المسلمين حيث تعرضت دمشق لزلزلة هائلة تهدمت بسببها الدور والمنازل، وهلك تحتها خلق كثير. وامتدت الزلزلة إلى أنطاكية فهدمتها، وإلى الجزيرة العراقية فقضت عليها، وإلى الموصل فأدت إلى وفاة خمسين ألفًا. وفى سنة 242هـ/ 857م، زُلْزِلَت الأرض زَلْزلَةً عظيمة "بتونس" وضواحيها، و"الرَّى" و"خراسان"، و"نيسابور"، و"طبرستان"، و"أصبهان"، وتقطعت الجبال، وتشققت الأرض، ومات من الناس خلق كثيرون. أما في سنة 245هـ، فقد كثرت الزلازل، وشملت أماكن عديدة حتى قيل: إنها عمت الدنيا. وكان لابد أن تصاب الحياة بالشلل، ويعم الخراب والدمار والبؤس. ورع المتوكل: هذا هو المتوكل، وهذا هو عصره، يقول أحد المقربين إليه: قال المتوكل: إذا خرج توقيعى إليك بما فيه مصلحة للناس، ورفق بالرعية، فأنفذْه ولا تراجعنى فيه، وإذا خرج بما فيه حَيْف (ظلم) على الرعية فراجعنى؛ فإن قلبى بيد الله-عز وجل-. يقول المؤرخون: إن الخلافة طبعت في هذا العصر بطابع الوهن والضعف لازدياد نفوذ الأتراك في الدولة العباسية حتى أصبح خلفاء هذا العصر العباسى الثانى مسلوبى السلطة، ضعيفى الإرادة، بسبب تدخل الأتراك في شئون الدولة، وتنصيب من يشاءون، وعزل من يشاءون، أو قتله، كما طبع هذا العصر بطابع تدخل النساء في شئون الدولة، وكثرة تولية الوزراء وعزلهم، وتولية العهد أكثر من واحد مما أدى إلى قيام المنافسة بين أمراء البيت الواحد.

 

11/ المنتصر 147-248هـ/861-862م

هو محمد المنتصر بالله بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد. وأمه أم ولد رومية أسمها حبشية ولد سنة 222هـ وعقد له ابوه ولاية العهد سنة 235هـ.
كان مليح الوجه أسمر أعين أقنى ربعة جسيماً بطيناً مليحاً مهيباً محسناً إلى العلويين.
قاتل أبيه. بويع بالخلافة بعد مقتل ابوه المتوكل في 4 شوال سنة 247هـ. أظهر العدل والإنصاف في الرعية فمالت إليه القلوب مع شدة هيبتهم له وكان كريماً حليماً.
توفي في 25 من ربيع الاول سنة 248هـ. وكان أنه لما ولي صار يسب الأتراك ويقول: هؤلاء قتلة الخلفاء فعملوا عليه وهموا به فعجزوا عنه لأنه كان مهيباً شجاعاً فطناً متحرزاً فتحيلوا إلى أن دسوا إلى طبيبه ابن طيفور ثلاثين ألف دينار في مرضه فأشار بفصده ثم فصده بريشة مسموة فمات.

 

 

12/المستعين 248-252هـ/862-866م

 هو أحمد بن محمد بن المعتصم بن الرشيد وامه ام ولد صقلية اسمها مخارق ولد سنة 220هـ.
مليحاً أبيض بوجهه أثر الجدري ألثغ. كان خيراً فاضلا بليغاً أديباً وهو أول من أحدث لبس الأكمام الواسعة فجعل عرضها نحو ثلاثة أشبار وصغر القلانس.
بويع بالخلافة في اليوم الذي توفي فيه أبو جعفر محمد المنتصر بالله وهو اليوم 25 من ربيع الاول سنة 248هـ. ولم يزل خليفة إلى أن خلع يوم الجمعة 4 محرم سنة 252هـ.
لما تمكر له الأتراك خاف وانحدر من سامرا إلى بغداد فأرسلوا إليه يعتذروا ويخضعون له ويسألونه الرجوع فامتنع فقصدوا الحبس وأخرجوا المعتز بالله وبايعوه وخلعوا المستعين ثم جهز المعتز جيشاً كثيفاً لمحاربة المستعين فوقعت بينهما وقعات ودام القتال أشهراً وكثر القتل وغلت الأسعار وعظم البلاء وانحل أمر المستعين فسعوا في الصلح فخلع المستعين نفسه وأشهد عليه القضاة. أرسل المعتز إلى أحمد بن طولون أن يذهب إلى المستعين فيقتله فقال والله لا أقتل أولاد الخلفاء فندب له سعيد الحاجب فذبحه في ثالث شوال من السنة وله إحدى وثلاثون سنة

 

 

13/ المعتز 252-255هـ/866-869م

هو ابوعبدالله المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد وامه ام ولد اسمها قبيحة ولد سنة 231هـ. بويع بالخلافة بعد خلع المستعين بالله في 4 محرم سنة 252هـ. ولم يزل والياً إلى أن خلع نفسه في 27 من رجب سنة 255هـ.
كان عمره يوم ولي الخلافه تسعة عشر عاما ،كان بديع الحسن
قال علي ابن حرب:ما رأيت خلفة احسن منه,وهو أول من احدث اي اوجد الركوب بحلية الذهب وكان الخلفاء يركبون بالحلية الخفيفة الفضه
وفي أول سنه من خلافته توفي اشناس التركي الذي استخلفه الواثق على السلطنه فاسخلف المعتز محمد بن عبد الله بن طاهر ثم عزله
فاستخلف اخوه أبا احمد وتوجه بتاج من الذهب ثم عزله بعد حين وسلطن بغا الشرابي فخرج على المعتز وقتل لذلك
وحصل ان جلد اخيه المؤيد وخلعه من ولاية العهد فمات من الجلد فاتى بالشهود انه لم يقتل اخاه
وبعد حين في رجب 255للهجره تمرد الاتراك على قائدهم بن وصيف وطلبوا الاموال من المعتز وهو سال امه قبيحه فلم تعطه بخلا منها فاتفق الترك على قتله وصلبوه وخلعوه وبايعوا محمد بن الواثق وقتلوه في 27رجب سنة 255 للهجره وهو أول خليفه مات عطشا

 

14/المهتدي 255-256هـ/869-870م

 أبو إسحاق محمد المهتدي بالله بن الواثق (توفي 256هـ/870) هو الخليفة العباسي الرابع عشر، حكم من 869 م-256هـ/870 م. أمه أم ولد تسمى وردة.
أسمر رقيقاً مليح الوجه ورعاً متعبداً عادلا قوياً في أمر الله بطلا شجاعاً لكنه لم يجد ناصراً ولا معيناً. قال الخطيب: لم يزل صائماً منذ ولي إلى أن قتل.
ما قبل بيعته أحد حتى أتى بالمعتز فقام المهتدي له وسلم عليه بالخلافة وجلس بين يديه فجيء بالشهود فشهدوا على المعتز أنه عاجز عن الخلافة فاعترف بذلك ومد يده فبايع المهتدي فارتفع حينئذ المهتدي إلى صدر المجلس.
كان الخليفة المهتدي بالله رجلا تقيا شجاعا حازما محبا للعدل متقيدا بسيرة عمر بن عبد العزيز في العدالة والحكم، حاول أن يعيد للخلافة العباسية هيبتها ومكانتها، ويوقف طغيان الأتراك واستبدادهم؛ فحاول إحداث الفرقة في صفوفهم وضرب بعضهم ببعض لإضعافهم وبث الخلاف بينهم، ولكنهم انتبهوا لمحاولته الذكية وأسرعوا في التخلص منه.
قال جعفر بن عبد الواحد: ذاكرت المهتدي بشيء فقلت له كان أحمد ابن حنبل يقول به ولكنه كان يخالف أشير إلى ما مضى من آبائه فقال رحم الله أحمد ابن حنبل والله لو جاز لي أن أتبرأ من أبي لتبرأت منه ثم قال لي: تكلم بالحق وقل به فإن الرجل ليتكلم بالحق فينبل في عيني.
وقال نفطويه: حدثني بعض الهاشميين أنه وجد للمهتدي سفط فيه جبة صوف وكساء كان يلبسه بالليل ويصلي فيه وكان قد أطرح الملاهي وحرم الغناء وحسم أصحاب السلطان عن الظلم وكان شديد الإشراف على أمر الدواوين يجلس بنفسه ويجلس الكتاب بين يديه فيعملون الحساب
أجمع الترك على قتل المهتدي، كانوا قد زاد نفوذهم. فساروا إليه فقاتل عن المهتدي المغاربة والفراغنة والأسروسنية وقتل من الأتراك في يوم أربعة آلاف ودام القتال إلى أن هزم جيش الخليفة وأمسك هو فعصر على خصيتيه فمات وذلك في رجب سنة ست وخمسين فكانت خلافته سنة إلا خمسة عشر يوماً وكان لما قامت الأتراك عليه ثار العوام وكتبوا رقاعاً وألقوها في المساجد يا معشر المسلمين ادعوا الله لخليفتكم العدل الرضا المضاهي لعمر بن عبد العزيز أن ينصره الله على عدوه.

 

 

15/ المعتمد 256-279هـ/870-892م

المعتمد بالله (870-892م) هو أحمد المعتمد على الله. أبو العبّاس ابن المتوكّل على الله جعفر بن المعتصم بالله محمد بن الرشيد العّباسيّ العباسية
ولد سنة تسعٍ وعشرين ومائتين بسرَّ من رأى، وأمّه روميّة اسمها فتيان.
،قام هو وأخوه الموفق نشر الخلافات بين نفوذ الأتراك لإعادة الخلافة العباسي إلى سابق عهدها كما فعل المهتدي بالله قبل خلعه،وقام الموفق للتصدي لثورة الزنج ،بينما هو كان يتصدى للثورة ،حاول الخليفة أن ينقل الخلافة العباسية إلى مصر التي كانت تحكمها الدولة الطولونية التي أسسها أحمد بن طولون خشيتاً أن يكون تحت إمرة أخيه الموفق ،ولكن الموفق علم بالأمر فأمر بإرجاعه إلى بغداد.
 

توفي المعتمد بالله عام892م ليلة الاثنين لإحدى عشرة بقيت من رجب سنة تسعٍ وسبعين و مائتين فحمل ودفن بسامرَّاء. وكانت خلافته ثلاثة وعشرين سنة وتولى من بعده الخلافة المعتضد بالله لقد أصاب المؤرخين في تسمية عصر المعتمد بالله بصحوة الخلافة العباسية.

 

 

16/المعتضد 279-289هـ/892-902م

كانت الخلافة العباسية قد انتعشت بعد تولي الخليفة المعتمد عم المعتضد  سنة (256 هـ = 870م)، وعاد لها ما كانت تتمتع به من هيبة ، وانقضى نفوذ الأتراك الذين عبثوا بالخلفاء واستبدوا بالحكم دونهم ،  ولم يكن الخليفة المعتمد هو الذي يقف وراء هذا الانتعاش الذي تشهده الخلافة، وإنما كان أخوه وولي عهده الموفق طلحة والد المعتضد هو باعث هذه الصحوة، وكان قائدًا ماهرًا، وسياسيًا فذا، ذا همة عالية وعزيمة قوية، تمكن من الإمساك بزمام الأمور، وقيادة الجند، ومحاربة الأعداء، والمرابطة على الثغور، وتعيين الوزراء والأمراء، وكان قضاؤه على ثورة الزنج أعظم إنجاز له ، فقد كانت ثورة عارمة دامت أكثر من أربعة عشر عامًا، وكادت تعصف بالخلافة.
توفى الموفق سنة (278 هـ = 891 م)، بعد أن أعاد هيبة الخلافة، وثبت سلطة الحكومة المركزية، فبايع الخليفة "المعتمد على الله" ابن أخيه "العباس " بولاية العهد الثانية بعد ابنه "المفوض إلى الله"، ولقبه بـ"المعتضد بالله"، وانتقلت إليه سلطات أبيه الموفق، وكان المعتضد بالله مثل أبيه في الحزم والرأي والشجاعة، شارك أباه في حروبه ضد الزنج، وفي أعماله الإدارية، فاكتسب خبرة واسعة، ونال ثقة الجند وتقديرهم، وطُبع على القيادة وتصريف الأمور؛ ولذلك لم يقنع بولاية العهد الثانية، وتطلع أن يكون خليفة بعد المعتمد مباشرة لا بعد ابنه، وكان الجند في صفه، ولم يجد عمه المعتمد بُدًّا من الرضوخ لابن أخيه، فبايعه بولاية العهد بعده، وعزل ابنه منها، ولم تَدُم حياة المعتمد طويلاً؛ حيث توفي بعد أشهر قليلة في (19 من رجب 279 هـ = 15 من أكتوبر 892م).
ولما بويع المعتضد بالخلافة سار على نهج أبيه الموفق في الحزم والعزم، وسلك مسلكه في إقامة العدل، وإقرار الأمن، وإشاعة السلام؛ ولذلك كان ينهض على الفور حين تشب فتنة وتشتغل ثورة فيقضي عليها، ويخرج إليها بنفسه، دلالة على عنايته بها، وإدراكه لخطورتها إذا أهمل في تداركها وقمعها.
كانت الفترة التي ولي فيها المعتضد الخلافة فترة قلاقل وثورات، ولكن الخليفة اليقظ قضى عليها، ولم يدعها تتفاقم وتزداد اشتعالا، ومن ثم شهدت الخلافة استقرارًا وهدوءاً.
شهدت فترة المعتضد ظهور حركة القرامطة؛ حيث قدم الكوفة سنة (278 هـ = 891م) رجل يُدعى"حمدان قرمط"، وأقام بها، وتظاهر بالعبادة والزهد، والدعوة إلى إمام من آل البيت، فلقيت دعوته نجاحًا عند أنصار العلويين. وبعد أن وثق من بعضهم بدأ في بث دعوته الغريبة وأفكاره البعيدة عن الإسلام، ثم اشتد خطر هذه الحركة بعد ظهور زعيمها في البحرين "أبي سعيد الجنَّابي" سنة (286 هـ = 899م)، واستطاع أن يبسط نفوذه على "البحرين" و"هجر"، وكسب أنصارًا كثيرين، وتحولت البحرين إلى مركز للقرامطة ومعقلاً لنشاطهم، وخرجت منه حملاتهم الحربية لنشر أفكارهم الهدامة تحت شعارات برّاقة، يخدعون بها البسطاء.
ولم ينجح المعتضد في القضاء على هذه الحركة؛ لأنه لم يُقدّر خطورتها حق قدرها، وصرف جهده إلى قمع فتن كانت تبدو لديه أكثر خطورة منها.
ويجدر بالذكر أنه ظهر في أيامه "ابن حوشب" في بلاد اليمن؛ حيث كان يقوم بنشر الدعوة للمهدى الفاطمي، و"أبو عبد الله الشيعي"، الذي كان يدعو للفاطميين في بلاد المغرب، إلى أن تمكن من إقامة دولتهم في المغرب بعد ذلك.
وأيًّا كان الأمر، فإن الخلافة لم تهتز إزاء هذه الفتنة والثورات، واستطاع بحزمه أن يثبت أركان الدولة، وأن يعيد إليها سلطاتها ونفوذها.
يصف المؤرخون الخليفة المعتضد بالله بأنه كان حازمًا مع قواده، شديد الوطأة عليهم، إذا غضب على واحد منهم أمر بإلقائه في حفرة وردم عليه؛ ولذلك سكنت فتنة الأتراك، ولم يجرؤ واحد منهم على إحداث شغب أو إثارة فتنة، وكان يُسمى "السفاح الثاني"؛ لأنه جدد مُلك بني العباس، مثلما أقام أبو العباس السفاح دولتهم.
ومع هذه القسوة البالغة كان عادلاً مع رعيته، فقد دفع عنهم الظلم وأسقط عنهم المكوس والضرائب.
وكان لاستقرار الدولة في عهده نتائج إيجابية على الوضع الاقتصادي، فعنيت الدولة في عهده بأمور الري، وتسليف الفلاحين الحبوب والحيوانات، وأخَّر موعد استيفاء الخراج.
ارتبط اسم المعتضد بزواجه من "قطر الندى" بنت "خماروية بن أحمد بن طولون"، وكانت العلاقة بين دولة الخلافة والطولونيين في مصر على غير ما يُرام في عهد أحمد بن طولون، وقد حاول ابنه خمارويه أن يفتح صفحة جديدة من العلاقات، ويحل الأمن والسلام محل الخصام والحرب، وكان الطرفان يرغبان في ذلك. وزيادةً في توثيق عرى المودة بينهما، تزوج الخليفة المعتضد من قطر الندى ابنة خمارويه، وكان جهازها الذي أعده أبوها أسطوريًا بالغًا في الإسراف إلى حد يفوق الخيال وقيل إنه جهزها بجهاز عظيم يتجاوز الوصف حتى إنه دخل معها في جملة جهازها ألف هاون من الذهب… وأمر بان يبنى لها على رأس كل موقع تنزل فيه بين مصر وبغداد قصرا … وكانوا يسيرون بها سير الطفل في المهد، فكانت إذا وصلت الموقع وجدت قصرًا قد فرش فيه جميع ما تحتاج إليه، وكانت في سيرها من مصر إلى بغداد على بُعد الشقة كأنها في قصر أبيها…".
كان هذا الإسراف من قبل خمارويه سببًا في إفلاس مالية البلاد، وكانت مصر من أغنى الدول وأكثرها ثراءً، ويبدو أن الخلافة العباسية عندما يئست من إخضاع دولة الطولونيين بالقوة لجأت إلى إضعافها بالسياسة، حتى قيل: إن المعتضد أراد بزواجه من قطر الندى أن يفقر أباها خمارويه في جهازها.
ظلت مدينة "سامراء" عاصمة الخلافة العباسية منذ حوالي سنة(221 هـ = 836م) في عهد الخليفة المعتصم بالله- إلى أوائل خلافة المعتضد الذي بنى القصر الحسني ببغداد، وقرر نقل العاصمة إلى بغداد، وكان من أثر ذلك أن هجر الناس سامراء وخربت بعد أن كانت تضارع بغداد حسنًا وبهاء، وكان بسامراء قبور ستة من الخلفاء العباسيين هم: الواثق، والمتوكل، والمنتصر، والمعتز، والمهتدي، والمعتمد.
كان عصر المعتضد يموج بالحركة العلمية، والنشاط الثقافي وهي امتداد لفترة عمه وأبيه، تألق عدد كبير من النابهين في اللغة والأدب والتاريخ والجغرافيا والحديث، ولمع في مجال الشعر كوكبة من أعظم شعراء العربية، مثل: "ابن الرومي"، المتوفّى سنة ( 283هـ = 896م)، الذي اشتهر بقدرته على توليد المعاني وابتكار الأخيلة الجديدة، و"البحتري" المتوفى سنة (284 هـ = 897م) صاحب الديباجة الشعرية الرائعة، والموسيقى العذبة الجميلة.
وفي (22 من ربيع الآخر 289 = 6 من مارس 902م) توفِّي الخليفة المعتضد وعمره يومها 48 سنه، بعد أن حكم الدولة تسع سنوات وتسعة أشهر، أعاد لها هيبتها ومجدها، وخلفه ابنه "علي المكتفي"، ولم يكن مثل أبيه من الحزم والشدة، فدخلت الدولة في مرحلة الضعف والتفكك.

 


 

 

17/ المكتفي 289-295هـ/902-908م

المكتفي بالله ابن المعتضد بن أبي أحمد بن المتوكل. وأمه أم ولد تركيه أسمها جيجك ولد سنة 236هـ. وبويع بالخلافة بعد وفاة أبيه المعتضد بعهد منه وذلك في ربيع الآخر سنة 289هـ. 15 أبريل 902. ولم يزل خليفة إلى أن توفي في 12 ذي القعدة سنة 295هـ. 13 أغسطس سنة 908. فكانت مدته ست سنوات وستة أشهر و 19 يوماً.

حارب القرامطه وقاتلهم ببأس و شده وقتل يحيى بن زكوريه القرمطي سنة 290 للهجره وفي سنة291 للهجره قتل كل من الحسين بن زكوريه القرمطي وغلامه الذي لقب المطوق بالنور وابن عمه عيسى بن مهوريه وهؤلاء بحسب السيوطي من مدعى النبوه فظفر بهم وقتلهم. وفي نفس السنه زفت للمكتفي بالله اخبار فتح انطاليه وغنم المسلمون منها امولا كثيره بحسب السيوطي توفي مولانا علي المكتفي بالله في بغداد في12 ذي القعده 295 للهجره وهو شاب رحمه الله واخيرا قال الصولي رحمه الله: سمعت المكتفي يقول في علته:واللهي ما أسى الا على سبعمائة الف دينار صرفتها من مال المسلمين في ابنية ما احتجت اليها وكنت مستغنيا عنها اخاف ان أسأل عنها واني استغفر الله. وهو سيدنا ومولانا أبو محمد المكتفي بالله العباسي الهاشمي البغدادي رحمه الله .

 

 

18/ المقتدر 295-320هـ/908-932م

 أبو الفضل جعفر بن المعتضد المقتدر بالله من خلفاء الدولة العباسية. ولد في رمضان سنة 282 هـ وعهد إليه أخوه المكتفي بالخلافة، ووليها بعد وفاة المكتفي وعمره ثلاث عشرة سنة، ولم يل الخلافة قبله أصغر منه. واختل النظام كثيرا في أيامه لصغره، وكان الأمر والنهي لنسائه. ومن محاسن المقتدر: «أن وزيره على بن عيسى أراد أن يصلح بين ابن صاعد، وبين أبى بكر ابن أبى داود السجستانى، فقال الوزير: يا أبا بكر أبو محمد أكبر منك، فلو قمت إليه، قال لا أفعل، فقال الوزير: أنت شيخ زيف، فقال ابن أبى داود: الشيخ الزيف الكذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: من ؟، فقال: هذا. ثم قام ابن أبى داود وقال: تتوهم أنى أذل لك لأجل أن رزقى يصل إلى على يدك، والله لا أخذت من يدك شيئا أبدا. فبلغ المقتدر ذلك، فصار يزن رزقه بيده، ويبعث به في طبق على يد الخادم». قتل على يد البربر في سنة (320هـ).

 

19/ القاهر 320-322هـ/932-934م

أبو منصور محمد بن المعتضد ابن طلحة بن المتوكل القاهر بالله من خلفاء الدولة العباسية. ولد في سنة 286 هـ.

لما قتل المقتدر أحضر هو ومحمد بن المكتفي بالله، فسألوا ابن المكتفى أن يتولى الخلافة، فقال: لاحاجة لي في ذلك. وعمى هذا أحق بها، فكلم القاهر، فأجاب، فبويع، ولقب القاهر بالله. قال الصولى عنه: «كان أهوج، سفاكا للدماء، قبيح السيرة، كثير التلون والاستحالة». خلع من الخلافة بسبب سوء سيرته، فامتنع من الخلع، فسملوا عينيه في سنة 322 هـ. وتوفي في سنة 339 هـ.

 

 

20/ الراضي 322-329هـ/934-940م

أبو العباس محمد بن المقتدر بالله ابن المعتضد بالله ابن طلحة بن المتوكل بالله، الراضى بالله من خلفاء الدولة العباسية. ولد سنة 297 هـ. بويع له يوم خلع القاهر بالله الذي كان سيء الخلق، سنة 322 هـ. هو آخر خليفة له شعر مدون، وآخر خليفة كان يخطب يوم الجمعة، وآخر خليفة جالس الندماء، وكانت جوائزه وأموره بنفس من سبقه من خلفاء بني العباس. وكان سمحا، كريما، أديبا، شاعرا، فصيحا، محبا للعلماء. سمع الحديث من البغوي وغيره. وتوفي من المرض في سنة 329 هـ . خلفة المتقي أبو اسحق إبراهيم بن المقتدر


 

 

21/ المتقي 329-333هـ/940-944م

أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر ابن المعتضد ابن الموفق طلحة ابن المتوكل الملقب بـالمتقي لله. ولد في سنة 295 هـ. وبويع له بالخلافة بعد موت أخيه الراضى سنة 329هـ. وكان كثير الصوم والتعبد، ولم يشرب نبيذا قط، كان حاكما بالاسم فقط. ثار عليه الأتراك، وخلعوه من الخلافة في 333 هـ وزج به في السجن حتى توفي سنة سبع وخمسين وثلاثمائة 357 هـ.

 

22/ المستكفي 333-334هـ/944-946م

هو أبو القاسم عبد الله ابن المكتفي ابن المعتضد، المستكفي بالله من خلفاء الدولة العباسية. ولد في سنة 292 هـ. بويع له بالخلافة عند خلع المتقي في صفر سنة 333 هـ. لقب المستكفي نفسه (إمام الحق) وضرب ذلك على السكة (النقود). خلعه الديلم من الخلافة، وكانت خلافته سنة وأربعة أشهر. ثم سجن إلى أن مات سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة (338هـ).

 

 

23/ المطيع 334-363هـ/946-974م

أبو القاسم الفضل بن المقتدر بن المعتضد الملقب المطيع لله من خلفاء الدولة العباسية. ولد سنة 301 هـ. بويع له بالخلافة عند خلع المستكفي سنة 334 هـ، وظل بالخلافة حتى سنة 363 هـ، حتى مرض وثقل لسانه، فخلع نفسه من الخلافة بإرادته من دون إكراه، وسلم الأمر إلى ولده الطائع لله، وصلت مدة خلافته لتسع وعشرين سنة وعدة أشهر. مات المطيع في سنة 364 هـ.

 

24/ الطائع 363-381هـ/974-991م

أبو بكر عبد الكريم بن المطيع بن المقتدر بن المعتضد، الطائع لله من خلفاء الدولة العباسية. ولد سنة 320 هـ. نزل له أبوه عن الخلافة وعمره 43 سنة، في سنة 363 هـ. وخلعه الديلم في سنة 381 هـ، وولى القادر بالله مكانه. واستمر الطائع في دار القادر بالله مكرما محترما في أحسن حال، إلى أن مات في 393 هـ.

 

 

25/ القادر 381-422هـ/991-1031م

أبو العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر الملقب بـالقادر بالله من خلفاء الدولة العباسية ولد سنة 336 هـ .وبويع له بالخلافة بعد خلع الطائع سنة 991 (381 هـ). يروى أن القادر كان متدينا كثير التهجد بالليل وكثير البر والصدقات. تفقه على العلامة أبي بشر الهروي الشافعي. له كتاب في الأصول ذكر فيه فضائل الصحابة على ترتيب مذهب أصحاب الحديث، وأورد في كتابه فضائل عمر بن عبد العزيز.


 

 

26/ القائم 422-467هـ/1031-1075م

هو أبو جعفر عبدالله القائم بأمر الله أبن أحمد القادر بالله.من خلفاء الدولة العباسية. ولي الخلافة بعد أبيه وكانت بيعته في ذي الحجة سنة 422هـ.
وبقي خليفة إلى 3 شعبان سنة 467هـ. 4 أبريل سنة 1075. فكانت مدته 44 سنة و 25 يوماً.

 

27/ المقتدي 467-487هـ/1075-1094م

أبو القاسم عبد الله بن محمد بن القائم بأمر الله المقتدى بأمر الله من خلفاء الدولة العباسية. ولد بعد وفاة أبيه بستة أشهر في عام 448 هـ. وبويع له بالخلافة عند موت جده القائم بأمر الله، وعمره تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر. وكان دينًا، خيرًا، قوى النفس، عالى الهمة، من نجباء بنى العباس. ومن محاسنه: أنه نفى المغنيات والحواظى ببغداد. وتوفى سنة 487 هـ.

 

 

28/ المستظهر 487-512هـ/1094-1118م

أبو العباس أحمد المستظهر بالله ابن المقتدي بأمر الله.من خلفاء الدولة العباسية. بويع بالخلافة في منتصف محرم سنة 487هـ بعد أبيه.
توفي في 23ربيع الآخر سنة 512هـ. وكانت مدة خلافته 24 سنة وثلاثة أشهر وأحد عشر يوماً. قال فية ابن الاثير:كان لين الجانب كريم الاخلاق يحب اصطناع الناس ويفعل الخير ويسارع إلى اعمال البر حسن الخط جيد التوقيعات لايقاربه اليها احد,يدل على فضل غزير وعلم واسع,سمحا,جوادا,محبا للعلماء والصلحاء,ولم تصف له الخلافة بل كانت ايامه مظطربة كثيرة الحروب وقتل ايامه احمد خان صاحب سمر قند المتزندق والسلطان ارغون بن الب ارسلان وانتشرت ايامة الدعوة الباطنية وايامة احتلت بيت المقدس من قبل الفرنجة الصليبين قتلوا يومها 70 الف مسلم ومسيحي ويهودي وكانت وفات مولانا المستظهر يوم الاربعاءالثالث والعشرون من ربيع الاول سنة512 هجرية وهو سيدنا ومولانا أبو العباس احمد المستظهر بالله العباسي البغدادي الهاشمي رحمه الله ....'''مصطفى العزاوي'''

 

 

29/ المسترشد 512-529هـ/1118-1135م

هو أبومنصور الفضل المسترشد بالله بن المستظهر بالله. من خلفاء الدولة العباسية. بويع بالخلافة في اليوم الذي توفي فيه والده 16 ربيع الاخر سنة 513هـ.
واستمر خليفة إلى أن استشهد في يوم الأحد 17 ذي القعدة سنة 529هـ 30 أغسطس سنة 1135. كان رحمه الله ذو همه عاليه وشهامه زائده وكان مقداما ذو رأي سديد وهيبه وبأس شيد اركان الشريعه وطرز اكمامها كما قال السيوطي رحمه الله قاد الحروب بنفسه وغزا عدة مرات ونصره الله على اعدائه أكثر من مره ويقول ابن السبكي رحمه الله ان مولانا المسترشد بالله العباسي كان في أول خلافته تنسك وانفرد بالعباده, كان مليح الخط وشهامته أشهر من الشمس وكانت ايامه مكدره مشوشه بالخارجين والحروب وكان يخرج بنفسه لاطفائها الى خروجه ضد أحد الخارجين الفرس يقال له مسعود  والتقى الجمعان وانكسر حيش الخليفه وهزم وهاجت بغداد وماجت وخرج الناس حفاة عراة وزلزلت بغداد كما قال ابن الجوزي وكانه غضب من الله فتحركت وجوه بغداد للصلح و حصل على ان يعود الخليفه لمقر عزه الا ان مسعود غدر بمولانا وسلط عليه العسكر فقتلوه رحمه الله السادس عشر من ذي القعده خمسمائه وتسع وعشرون هجريه قال المسترشد في خطبه في أحد الاعياد
الله أكبر ما سبحت الانواء واشرق الضياء وطلعت ذكاء وعلت الارض السماء . الله أكبر ما همى سحاب ولمع سراب وانجح طلاب وسر قادما اياب

 

 

30/ الراشد 529-530هـ/1135-1136م

هو أبو جعفر المنصور الراشد بالله ابن المسترشد بالله. من خلفاء الدولة العباسية. بويع بالخلافة بعد أبيه المسترشد بالله في 17 من ذي القعدة سنة 529ه. وحاول الخليفة الراشد بن الخليفة المسترشد الثأر لأبيه المقتول ، ولكن (مسعودا) سار إلى بغداد وحاصرها وأرغم الخليفة على الهرب إلى الموصل والأحتماء بعماد الدين زنكي وعندها جمع مسعود القضاة والشهود وكتب محضرا بخلعه خلع من الخلافة في رمضان سنة 530هـ!! ثم قتل على ابواب اصبهان في سنة 532 للهجرة

 

 

31/ المقتفي 530-555هـ/1136-1160م

'هو أبو عبد الله الحسين المقتفي لأمر الله بن المستظهر. الخليفة 31 من خلفاء الدولة العباسية. بويع بالخلافة في ثامن ذي الحجة سنة 530هـ. (7 سبتمبر 1136).
استمر بالخلافة إلى أن توفي ثاني ربيع الأول سنة 555هـ. (12 مارس سنة 1160).ولقب بالمقتفي لانة رأى في المنام رسول الله (صلى الله عليه وسلم)وهو يقول له سيصل هذا الأمر إليك فاقتفي لأمر الله صادرة السلطان الملعون (مسعود)الا ان مولانا المقتفي كان حليما شجاعا ظل يعمل سرا ان ان مات مسعود فجند الجند وسيطر على امور الخلافة واعاد الاقاليم لامرتة وقاد الجيوش المظفرة وانتصر على اعدائة واشتدت شوكته وعظم سلطانه وامر ونهى ولم ترد لة راية هذا كلة كلام الشيخ جلال الدين السيوطي رحمه الله إلى ان توفي وهو في هيبة وعلو
قال ابن السمعاني رحمة الله في المقتفي لامر الله رحمة الله:كان محمود السيرة,مشكور الدولة,يرجع إلى دين وعقل وفضل ورأي وسياسة.جدد معالم الأمامة,ومهد رسوم الخلافة,وباشر الامور بنفسة,وغزا غير مرة,وامتدت ايامة
ويقول أبو طالب عبد الرحمن بن محمدبن عبدالسميع الهاشمي:كانت ايام القتفي نضرة بالعدل(مليئة بالعدل)زاهرة بفعل الخيرات وكان على قدم من العبادة قبل افضاء الامر الية وكان في أول الامر متشاغلا بالدين ونسخ العلوم و قراءة القران الكريم ولم ير مع سماحته ولين جانبةورأفته بعد المعتصم خليفة في شهامته وصرامته وشجاعتهم ما نع خص به من زهده وورعه وعباده,ولم تزل جيوشه منصور حيث يممت (توجهت) وهو سيدنا ومولانا أبو عبد الله الحسين ابن المستظهر باالله العباسي البغدادي الهاشمي رحمه الله وجزاه عنا خير جزاء
 

 

32/ المستنجد 555-566هـ/1160-1170م

أبو المظفر "المستنجد بالله" يوسف بن محمد المقتفى (1124 - 1170) كان الخليفة العباسي الثاني والثلاثين،  وهو ابن الخليفة السابق المقتفي لأمر الله. وصف بالعدل، حيث كان شديداً على المفسدين. كما كان ذكياً، وكان له معرفة في الفلك.
توفي المستنجد بالله في عام 1170 قال الامام الذهبي رحمه الله :مازالت الحمرة الكثيرة تعرض السماء منذ مرض المستنجد وكان يرى ضوؤها على الحيطان ومن شعره :


عيرتني بالشيب  وهو وقار         ليتها عيرت بما هو عار

ان تكن شابت الذوائب مني         فاليالي   تزينها   الاقمار


 

 

33/ المستضيئ 566-575هـ/1170-1180م

أبو محمد الحسن بن يوسف (1142 - 1180) كان خليفة عباسي، حكم في بغداد بين عامي 1170 و 1180، بعد أبيه المستنجد بالله. توفي في 30 مارس، 1180، وخلفه الناصر لدين الله.

 

34/ الناصر 575-622هـ/1180-1225م

أبو العباس "الناصر لدين الله" أحمد بن الحسن المستضئ (553 هـ/1158 - 1225) كان خليفة عباسياً، حكم في بغداد بين عامي 1180 و 1225. حاول إعادة الخلافة إلى دورها المهيمن السابق. مدد سيادته إلى بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس. كما كان أيضاً عالماً، ومؤلفاً، وشاعراً، وراوياً للحديث. تولى الحكم بعد أبيه المستضئ بأمر الله وحكم ما يقارب خمسين عاما.
في بداية سنوات خلافته، كان هدفه أن يسحق القوة السلجوقية فقام بتحريض تمرد ضد السلطان السلجوقي فهاجم شاه خوارزم تيكيش القوات السلجوقية، وهزمهم. منح تيكيش الخليفة بعض محافظات بلاد فارس التي كانت قد أخذت من قبل السلاجقة.
أرسل الناصر لدين الله وزيره إلى تيكيش مع بعض الهدايا، لكن الوزير الأحمق أغضب تيكيش حاد المزاج، فهاجم تيكيش قوات الخليفة ودحرهم. سادت العلاقات العدائية فيما بينهما لعدة سنوات. ثم قام الخليفة باغتيال حاكم من حكام تيكيش بواسطة مبعوث إسماعيلي.
قال ابن النجار: «دانت السلاطين للناصر، ودخل في طاعته من كان من المخالفين، وذللت له العتاة والطغاة، وانقهرت بسيفه الجبابرة، واندحض أعداؤه، وكثر أنصاره، وفتح البلاد العديدة، وملك من الممالك مالم يملكه أحد ممن تقدمه من الخلفاء والملوك، وخطب له ببلاد الأندلس وبلاد الصين». وقال ابن واصل: «كان الناصر شهمًا، شجاعًا، ذا فكرة صائبة، وعقل رصين، ومكر ودهاء، وله أصحاب أخبار في العراق وسائر الأطراف، يطالعونه بجزئيات الأمور». ثم قال: «وكان مع ذلك ردئ السيرة في الرعية، مائلا للظلم والعسف، ففارق أهل البلاد بلادهم، وأخذ أموالهم وأملاكهم، وكان يفعل أفعالا متضادة، وكان يتشيع ويميل إلى مذهب الإمامية بخلاف آبائه. وكان الناصر إذا أطعم أشبع، وإذا ضرب أوجع، وله مواطن يعطى فيها عطاء من لا يخاف الفقر». وقال الذهبي: «ولم يل الخلافة أحد أطول منه مدة، فإنه أقام فيها 47 سنة، ولم تزل مدة حياته في عز وجلالة، وقمع الأعداء، واستظهر على الملوك، ولم يجد ضيما، ولاخرج عليه خارجي إلا قمعه، ولامخالف إلا دفعه، وكل من أضمر له سوءا رماه الله بالخذلان، وكانت له حيل لطيفة ومكائد غامضة وخدع لايفطن لها أحد، يوقع الصداقة بين ملوك متعادين وهم لايشعرون، ويوقع العداوة بين ملوك متفقين وهم لايفطنون». وتوفى في رمضان سنة (622هـ). كان قد استحدث نظام القتوة والتجنيد وادخل الكثير من شباب بغداد الجيش وازال اثار العجم وهدم قصور السلاجقة ودانت له الدنيا وفتح البلدان وسيطر الخليفة فيها كان لم يكن من قبل وامر ونهى وعمر اسوار بغداد واعاد لها الهيبة والمجد وبايعة كل سلاطين المسلمين وادو له الطاعة ومنهم صلاح الدين الايوبي رحمة الله الذي بعث برايته وترسه للخليفة يوم وفاتة دليلا على تبعيته للخليفة هو سيدنا ومولانا احمد الناصر لدين الله العباسي البغدادي الهاشمي مصطفى العزاوي بغداد

 

35/ الظاهر 622-623هـ/1225-1226م

 

أبو النصر محمد الظاهر بأمر الله بن أحمد الناصر (1179 - 1226 م) هو الخليفة العباسي الخامس والثلاثين، حكم في بغداد بين عامي 1225 و1226 م. تولى الحكم بعد أبيه الناصر لدين الله وهو في الثانية والخمسين من عمره بينما خلفه في الحكم المسنتصر بالله آخر خلفاء العباسيين. حاول الظاهر أن يحكم باعتدال أكثر من أبيه فقام بتقليل الضرائب وبنى جيشاً قوياً.
قال عنه ابن الأثير: «لما ولي الظاهر الخلافة أظهر من العدل والإحسان ما أعاد به سنة العُمَرين، فلو قيل: إنه ما ولي الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز مثله لكان القائل صادقًا»، ومما حكي عن عدله أن صاحب الديوان قدم من واسط ومعه أزيد من مائة ألف دينار من ظلم، فردها على أربابها، وأخرج أهل الحبوس. كان كريما على العلماء والصلحاء، فيروى عنه أنه فرق ليلة عيد النحر مائة ألف دينار عليهم، وقيل له: «هذا الذي تخرجه من الأموال لاتسمح نفس ببعضه»، فقال: «أنا فتحت الدكان بعد العصر فاتركوني أفعل الخير فكم بقيت أعيش؟». وقد روى الحديث عن والده بالإجازة، وروى عنه أبو صالح نصر بن عبدالرزاق بن الشيخ عبدالقادر الجيلي. توفي بعد تسعة أشهر وأربعة عشر يوما من حكمه في 10 يوليو، 1226 م/13 رجب 623 هـ.

36/ المستنصر 623-640هـ/1226-1242م


أبو جعفر "المستنصر بالله" المنصور بن محمد الظاهر (1192-1243 م) خليفة عباسي حكم في بغداد بين عامي 1226 و1242 م. كان ابن الظاهر بأمر الله وحفيد الناصر لدين الله. خلفه في الحكم المستعصم بالله. قام ببناء المدرسة المستنصرية.
ولد المستنصر بالله سنة 588 هـ من جارية تركية. كان جده الناصر يسميه القاضي لوفرة عقله. بويع بالخلافة في بغداد بعد وفاة أبيه عام 623 هـ. نشر العدل وبذل الإنصاف في القضايا. كرم أهل العلم والدين وقربهم، وقام بإنشاء المساجد والمدراس والمستشفيات وعمل على تجميع الجيوش للدفاع عن دولة الإسلام. قام ببناء المدرسة المستنصرية في بغداد على شط دجلة من الجانب الشرقي. وحشد رحمه الله العساكر والجيوش العظيمه لم يكن لبني العباس مثلها وكان قائد جيشة اخوه القائد الشجاع الزائد الشهامه الخفاجي بن الظاهر انتصر على جنود التتار في معركة خاضها ضدهم واخذ الاراضي منهم واستأصلهم وقتل منهم خلقا كثيرا ودامت ايام المستنصر بالله رحمه الله ودام عز الخلافة ايامه من حوادثه قال المام الذهبي :ان الوجيه القيرواني مدح المستنصر بقصيدة قال فيها لو كنت في يوم السقيفة حاضرا كنت المقدم ولامام الاورعا فقاطعه شخص قئلا اخطأت قد كان العباس حاضرا جد امير المؤمنين ولم يكن المقدم الاابو بكر .فاقر له المستنصر بالله ذلك وخلع عليه خلعه وامر بنفي ابن الوجيه إلى مصر . توفي المستنصر في بغداد في العاشر من جمادى الآخرى سنة 640 هـ.وهو سيدنا ومولانا أبو جعفر منصور المستنصر بالله العباسي البغدادي الهاشمي رحمه الله وجزاه عنا خير جزاء مصطفى العزاوي بغداد .

 

 

37/ المستعصم  640-656هـ/1242-1258م

عبد الله بن منصور المستنصر (1213 - 1258)  آخر خليفة عباسي في بغداد. ولد من أم تركية وعمل على إدخال العنصر التركي للحكم العباسي ، حكم  بعد أبيه المستنصر بالله.

ألقى زمام الأمور إلى الإمراء والقُوَاد، واعتمد على وزيره مؤيد الدين بن العلقمي. يقال أن ابن العلقمي بعث لهولاكو يشير عليه باحتلال بغداد، فزحف هولاكو سنة 645 هـ وخرجت إليه عساكر المستعصم فلم تثبت طويلا، ودخل هولاكو بغداد. جمع ابن العلقمي سادات وعلماء بغداد إلى هولاكو حيث قتلهم جميعا، وأبقوا على الخليفة المستعصم إلى أن دلهم على مواضع الأموال ثم قتلوه، وكان قتله على يد التتار سنة 656 هـ. وبموته انتهت دولة بني العباس في بغداد ولكن استمرت الخلافة العباسية حيث انتقل مقرها غلى القاهرة بتأييد من الظاهر بيبرس حاكم مصر.